أحسنها : أنّه إنّما سألها على لسان قومه ، ويشهد لصحّته أمور :
الأوّل : الآيات الدالّة على طلبهم لها من موسى عليهالسلام.
الثاني : قوله في هذه الآية : ( سُبْحانَكَ ) (١) فإنّه ظاهر في تنزيه الله عن الرؤية ، وهو يقتضي كونها نقصا ممتنعا عليه سبحانه ، فإذا كان عالما بكونها نقصا ، لم يجز أن يكون قد سألها من نفسه.
واحتمال عدم علمه بالنقص قبل السؤال ـ لو تمّ بالنسبة إلى موسى ـ كان لنا لا علينا ؛ لأنّه لا يصلح حينئذ الاستدلال بسؤاله الرؤية!
على إنّه يكفينا علمه في ثاني الحال بامتناع الرؤية ، ولذا قال : ( سُبْحانَكَ ).
الثالث : قوله تعالى حكاية عن موسى عليهالسلام : ( قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا ) (٢) فإنّ المراد ب : ( بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ ) هو سؤال الرؤية ، كما عن جماعة من المفسّرين (٣).
فإن قلت :
على هذا كان ينبغي أن يقول : أرهم ينظرون إليك.
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٤٣.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ١٥٥.
(٣) انظر مثلا : تفسير الطبري ٦ / ٧٧ ، تفسير الماوردي ٢ / ٢٦٥ ، الكشّاف ٢ / ١٢١ ، زاد المسير ٣ / ٢٠٦ ، تفسير الفخر الرازي ١٥ / ٢٠ ، تفسير القرطبي ٧ / ١٨٧ ، تفسير البيضاوي ١ / ٣٦٢ ، البحر المحيط ٤ / ٢٩٩ ، تفسير ابن كثير ٢ / ٢٣٩ ، الدرّ المنثور ٣ / ٥٦٩.