وقال الفضل (١) :
ذهب الأشعري ومن تبعه من الأشاعرة إلى أنّ العرض لا يبقى زمانين (٢).
فالأعراض جملتها غير باقية عندهم ، بل هي على التقضّي والتجدّد ينقضي منها واحد ويتجدّد آخر مثله (٣).
وتخصيص كلّ من الآحاد المتقضّية المتجدّدة بوقته الذي وجد فيه ، إنّما هو للقادر المختار ، فإنّه تخصيص بمجرّد إرادته كلّ واحد منها بوقته الذي خلقه فيه ، وإن كان يمكن خلقه قبل ذلك الوقت وبعده.
وإنّما ذهبوا إلى ذلك ؛ لأنّهم قالوا : بأنّ السبب المحوج إلى المؤثّر هو الحدوث ، فلزمهم استغناء العالم حال بقائه عن الصانع ، بحيث لو جاز عليه العدم ـ تعالى عن ذلك علوّا كبيرا ـ لما ضرّ عدمه في وجوده ، فدفعوا ذلك بأنّ شرط بقاء الجوهر هو العرض.
ولمّا كان هو متجدّدا محتاجا إلى المؤثّر دائما كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثّر بواسطة احتياج شرطه إليه ، فلا استغناء أصلا.
واستدلّوا على هذا المدّعى بوجوه :
منها : إنّها لو بقيت لكانت باقية متّصفة ببقاء قائم بها ، والبقاء عرض ،
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٢٥٩.
(٢) تمهيد الأوائل : ٣٨ ، الملل والنحل ١ / ٨٤ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ١٦٢ ، شرح المواقف ٧ / ٢٢٢.
(٣) ذكر ذلك الإيجي في المواقف : ١٠١ عن الأشعري وغيره ، وانظر : شرح المقاصد ٢ / ١٦١ ، شرح المواقف ٥ / ٣٧.