أقول :
قد ذكر الفضل هذا في كلامه أنّهم « الفرقة الناجية » ، وهي دعوى يبطلها الكتاب والسنّة والعقل ـ كما ستعرفها إن شاء الله تعالى ـ.
لكن ينبغي هنا أن نشير إلى بعض الآيات ، وبعض الأخبار ..
فمن الآيات :
قوله عزّ من قائل مخاطبا للصحابة بعد واقعة أحد :
( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) .. الآية (١).
فإنّها دالّة على عروض الانقلاب للصحابة بعد موت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ..
إذ ليس الاستفهام منه سبحانه على حقيقته ؛ لاستلزامه الجهل .. بل هو للإنكار أو التوبيخ ، وهما يقتضيان الوقوع ، ولذا قال : ( انْقَلَبْتُمْ ) بلفظ الماضي ، تنبيها على تحقّقه ، لعلمه تعالى بعاقبة أمرهم.
ولا يصح أن يراد بالآية خصوص الأعراب ، الّذين زعم أهل السنّة ارتدادهم ، كمالك بن نويرة (٢) وقومه ؛ لأنّ الآية متعلّقة بالمنهزمين في
__________________
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤ .. وتمامها : ( وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ).
(٢) هو : مالك بن نويرة بن جمرة بن شدّاد بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي ، يكنّى أبا حنظلة ، كان شاعرا شريفا فارسا معدودا في فرسان بني يربوع.