وقال الفضل (١) :
تكليف ما لا يطاق جائز عند الأشاعرة ؛ لأنّه لا يجب على الله شيء ، ولا يقبح منه فعل ، إذ يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، ومنعه المعتزلة لقبحه عقلا (٢).
والحال : إنّه لا بدّ لهم أن يقولوا به ، فإنّ الله أخبرهم بعدم إيمان أبي لهب وكلّفه الإيمان ، فهذا تكليف ما لا يطاق ؛ لأنّ إيمانه محال وفوق طاقته ؛ لأنّه إن آمن لزم الكذب في خبر الله تعالى ، وهو محال اتّفاقا.
وهذا شيء يلزم المعتزلة القول بتكليف ما لا يطاق.
ثمّ ما لا يطاق على مراتب : أوسطها ما لا يتعلّق به القدرة الحادثة عادة ، سواء امتنع تعلّقها به لا لنفس مفهومة كخلق الأجسام أم لا ، بأن يكون من جنس ما يتعلّق به ، كحمل الجبل ، والطيران إلى السماء ، والأمثلة التي ذكرها الرجل الطامّاتي .. فهذا شيء يجوّزه الأشاعرة ، وإن لم يقع بالاستقراء ولقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها ) (٣).
وقد عرّفناك معنى هذا التجويز في ما سبق.
* * *
__________________
(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٢٨٧.
(٢) محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٩٣ و ٢٩٥ ، المواقف : ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٩٤.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٨٦.