مستعملك ، إنّي أبعثك إلى أرض قد باض فيها الشيطان وأفرخ (١) ، فالزم ما تعرف ، ولا تبدّل فيستبدل الله بك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أعنّي بعدّة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المهاجرين والأنصار ، فإنّي وجدتهم في هذه الأمة ، وهذه الأعمال كالملح في الطعام لا يصلح إلّا به ، قال : فاستعان بمن أحببت ، فاستعار تسعة عشر رجلا منهم : أنس بن مالك ، وعمران بن حصين ، وهشام بن عامر ، ثم خرج أبو موسى فيهم حتى أناخ بالبصرة في المربد ، وبلغ المغيرة أن أبا موسى قد أناخ بالمربد ، فقال : والله ما جاء أبو موسى زائرا ، ولا تاجرا ، ولكنه جاء أميرا ، فإنهم لفي ذلك ، إذ جاء أبو موسى حتى دخل عليهم ، فدفع إليه أبو موسى كتابا من عمر ، أنه لأوجز كتاب كتب به أحد من الناس ، أربع كلم عزل فيها ، وعاتب ، واستحثّ وأمر ، أما بعد ، فإنه بلغني عنك نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميرا ، فسلّم له ما في يديك ، والعجل. وكتب إلى أهل البصرة : أما بعد فإني قد بعثت أبا موسى أميرا عليكم ليأخذ لضعيفكم من قويكم ، وليقاتل بكم عدوكم ، وليدفع (٢) عن ذمتكم ، وليجبي لكم فيئكم ثم ليقسمه فيكم ، ولينقي لكم طرقكم.
وأهدى له المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعى عقيلة ، وقال : إني قد رضيتها لك ، وكانت فارهة ، فكان أبو موسى عبد الله بن قيس بن سليم بن حصار ، وأرتحل المغيرة وأبو بكرة ونافع بن كلدة وزياد بن أبي سفيان وشبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر ، فجمع بينهم وبين المغيرة ، فقال المغيرة. سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني : مستقبلهم أو مستدبرهم؟ أو كيف رأوا المرأة؟ أو عرفوها؟ فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ أو مستدبري فبأي شيء استحلوا النظر إليّ في منزلي على امرأتي ، فو الله ما أتيت إلّا امرأتي ـ وكانت تشبهها ـ فبدأ بأبي بكرة ، فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل وهو يدخله (٣) ويخرجه كالميل (٤) في المكحلة. قال : كيف رأيتهما؟ قال : مستدبرهما. قال : فكيف استثبت رأسها؟ قال : تحاملت (٥) ، قال ثم دعا بشبل بن معبد ، فشهد بمثل ذلك ، قال : استدبرتهما أم استقبلتهما؟ قال : استقبلتهما (٦)
__________________
(١) في تاريخ الطبري : وفرّخ.
(٢) الأصل : وليحيى ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والطبري.
(٣) بالأصل وبقية النسخ : «وهو يخرجه ويدخله» والمثبت عن الطبري.
(٤) بالأصل ود : كالماول ، والمثبت عن الطبري ، وفي د : «كالململول».
(٥) رسمها بالأصل : «؟؟؟» وفي م : «تحاسب» وفي د : تحانيت والمثبت عن الطبري.
(٦) قوله : قال : استقبلتهما ، سقط من م.