منزلهم من فاختة بنت غزوان ، وكانت تحت عثمان بن عفّان ، وكان حباب مولاه قد لزم شيبة ، فلم يختط ، ومات عتبة بن غزوان على رأس ثلاث وستين ونصف من مفارقة سعد بالمدائن ، وقد استخلف على الناس أبا سبرة بن أبي رهم وعماله على حالهم ، ومسالحه على نهر تيري ومناذر وسوق الأهواز ، وسرق والهرمزان برامهرمز مصالح عليها وعلى السوس والبستان وجندي سابور ، ومهرجان قذق ، وذلك بعد ننعد (١) الدين كان العلاء حمل في البحر إلى فارس ، ونزولهم البصرة ، وكان يقال لهم : أهل طاوس ، نسبوا إلى الوقعة ، فأقرّ عمر أبا سبرة بن أبي رهم على البصرة بقية السنة التي مات فيها عتبة بن غزوان ، واستخلف عبد الرّحمن بن سهل فعمل بقية السنة ، ثم استعمل المغيرة بن شعبة في السنة الثانية من بعد وفاة عتبة ، فعمل عليها بقية تلك السنة ، والسنة التي تليها ، لم ينتقض عليه أحد في عمله ، وكان مرزوقا بسلامة ولم يحدث شيئا إلّا ما كان بينه وبين أبي بكرة ، ثم استعمل أبا موسى على البصرة ، وصرف إلى الكوفة ، واستعمل عمر بن سراقة ، ثم صرف عمر بن سراقة إلى الكوفة من البصرة ، وصرف أبو موسى إلى البصرة من الكوفة ، فعمل عليها ثانية ، وكان الذي حدث بين أبي بكرة وبين المغيرة سببا لعزله ، كان المغيرة (٢) يناغيه وكان أبو بكرة ينافره عند كلّ ما يكون منه ، وكانا بالبصرة متجاورين بينهما طريق ، وكانا في مشربتين (٣) متقابلتين لهما في داريهما ، في كل واحدة منهما كوة مقابلة للأخرى ، فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدثون في مشربته ، فهبّت ريح ، ففتحت باب الكوة ، فقام أبو بكرة ليسقفها فبصر المغيرة ، وقد فتحت (٤) الريح باب كوة مشربته وهو بين رجلي امرأة ، فقال للنفر : قوموا ، فانظروا ، فقاموا فنظروا ، ثم قال : اشهدوا ، قالوا : ومن هذه؟ قال : أم جميل بنت الأفقم ، وكانت أم جميل إحدى بني عامر بن صعصعة ، وكانت غاشية للمغيرة ، وتغشى الأمراء والأشراف ، وكان بعض النساء يفعل ذلك في زمانها ، فقالوا : إنّما رأينا أعجازا ولا ندري ما الوجه؟ ثم إنهم صمموا (٥) حين قامت ، فلما خرج المغيرة إلى الصلاة حال أبو بكرة بينه وبين الصلاة ، وقال : لا تصلي بنا ، فكتبوا إلى عمر بذلك ، وتكاتبوا ، فبعث عمر إلى أبي موسى ، فقال : يا أبا موسى ، إنّي
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وإعجامها غير واضح في د.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري ٢ / ٤٩٣ حوادث سنة ١٧.
(٣) المشربة : الغرفة.
(٤) الأصل : فتح ، والمثبت عن م ، ود ، و «ز» ، والطبري.
(٥) الأصل : صبوا ، وفي المختصر : صمتوا ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، والطبري.