موسى في أمره ، ثم رحّل (١) أبو موسى النفر الذين يشهدون عليه حتى قدموا على عمر بن الخطّاب ، وقد كان المغيرة فيما بلغني ـ يزعمون ـ أرسل إلى أبي موسى حين قدم عليه بجارية من مولّدات الطائف يقال لها : عقيلة ، وقال : إنّي قد رضيتها لك ، فاتخذها لنفسك.
فلما قدم المغيرة والشهود على عمر سألهم ، فشهد ثلاثة فأثبتوا الشهادة على المغيرة ، وتقدم الرابع ، وهو زياد بن عبيد ، وكان آخرهم ، فشهد ، فزعموا أن عمر قال : إنّي لأرى وجه رجل لا يخزي الله به رجلا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وزعموا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ادرءوا الحدود ما استطعتم» ، فقال زياد لما فحصه عمر وسأله : وكعّ (٢) قليلا ، فكبّر المغيرة وقال لأبي بكرة حين أثبت عليه الشهادة : لقد حرصت على النظر ، قال أبو بكرة : أجل والله ، أي عدو الله ، على أن يخزيك الله بعملك الخبيث ، وقال لعمر : والله لكأني أنظر إلى بثر (٣) في فخذ المرأة ، فسأل عمر زيادا عن شهادته فقال : لقد رأيت منظرا قبيحا ، ونفسا عاليا ، وما رأيت الذي فيه ما فيه الأمر ، فكبّر عمر ، وجلد أبا بكرة ، ونافعا ، وشبلا ، فقال أبو بكرة : أما والذي بعث محمّدا بالحق لقد رأى زياد مثل الذي رأيت ، ولكنه كتم الشهادة ، وإن المغيرة لزان ، فأراد عمر أن يعيد (٤) عليه الحدّ مرة أخرى ، فقال له علي : يا أمير المؤمنين ، إذن تكمل شهادته أربعة ، ويحلّ على صاحبك الرجم ، فتركه ، وكتب إلى أبي موسى : أن لا تجالسوا أبا بكرة ، فإنه شيطان ، فحلف أبو بكرة أن لا يكلم زيادا أبدا ، فولي زياد البصرة بعد ذلك ، فلم يكلّمه حتى مات.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو الحسين محمّد بن أحمد ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أبو بكر بن سيف ، أنا السري بن يحيى ، أنا شعيب بن إبراهيم ، أنا سيف بن عمر قال :
ولما أحرز عتبة الأهواز وأوطأ أهل فارس استأذن عمر في الحجّ ، فأذن له ، فلما قضى حجه استعفاه ، فأبى أن يعفيه ، وعزم عليه ليرجعن إلى عمله ، فدعا الله ، ثم انصرف ، فمات في بطن نخلة ، فدفن ، وبلغ عمر فمر به زائرا لقبره ، وقال : أنا قتلتك ، لو لا أنه أجل معلوم وكتاب مرقوم ، وأثنى عليه بفضله ، ولم يختط ، فيمن اختط من المهاجرين وإنما ورث ولده
__________________
(١) بالأصل وم ود ، و «ز» : فأدخل ، والمثبت «ثم رحل» عن المختصر.
(٢) كع : جبن وضعف.
(٣) بالأصل : شيء ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٤) تقرأ بالأصل : «يسبد» ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.