كنت جالسا عند مقاتل بن سليمان ، فجاء شاب ، فسأله : ما تقول في قول الله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(١) ، قال : فقال مقاتل : هذا جهمي ، قال : ما أدري ما جهم ، إن كان عندك علم فيما أقول وإلّا فقل لا أدري ، فقال : ويحك ، إنّ جهما والله ما حجّ هذا البيت ولا جالس العلماء ، إنّما كان رجلا أعطي لسانا ، وقوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) إنّما هو شيء فيه الروح ، كما قال هاهنا لملكة سبأ : (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)(٢) لم تؤت إلّا ملك بلادها ، وكما قال : (وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً)(٣) لم يؤت إلّا ما في يده من الملك ، ولم يدع في القرآن كلّ شيء ، وكلّ شيء ، إلّا سرد علينا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا إسماعيل بن مسعدة ، أنا أبو عمرو عبد الرّحمن ابن محمّد الفارسي ، أنا أبو أحمد بن عدي (٤) ، أنا محمّد بن عيسى بن محمّد المعروف ـ إجازة ـ مشافهة ، نا أبي ، ثنا العباس بن مصعب ، حدّثني بعض أصحابنا عن أبي معاذ الفضل بن خالد ، عن عبيد بن سليمان أن تفسير مقاتل عرض على الضّحّاك بن مزاحم فلم يعجبه ، وقال : فسّر كل حرف ، وفي حكاية أبي معاذ قال : فذكرت ذلك لعلي بن الحسين بن واقد ، قال : كنا في شك أن مقاتل لقي الضّحّاك ، فإذا كان مقاتل له من القدر ما ألّف تفسير القرآن في عهد الضّحّاك فقد كان رجلا جليلا.
وروى أبو معمر عن ابن عيينة سمعت مقاتل بن سليمان يقول : الضّحّاك ، فقيل له : لقيت الضّحّاك؟ قال : كان ربما يغلق عليّ وعليه باب ، قال سفيان : قلت في نفسي : كان يغلق عليه وعلى الضّحّاك باب المقابر وهو على ظهر الأرض في تلك المدينة.
أنبأنا أبو الحسين الأبرقوهي ، وأبو عبد الله الأديب ، قالا : ، أنا أبو القاسم بن مندة ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.
ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي.
قالا : أنا ابن أبي حاتم (٥) ، نا محمّد بن آدم المروزي فيما كتب إليّ قال : حضرت وكيعا وسئل عن كتاب التفسير عن مقاتل بن سليمان ، فقال : ينظر فيه ، قال : ما أصنع به؟
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٨٨.
(٢) سورة النمل ، الآية : ٢٣.
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٨٤.
(٤) رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٩٦ في ترجمة الضحاك بن مزاحم.
(٥) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨ / ٣٥٤.