أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر ابن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، حدّثني علي بن صالح ، عن جدي عبد الله بن مصعب ، عن أبيه قال :
خرج الحسين من عند معاوية ، فلقي ابن الزبير ، والحسين مغضب ، فذكر الحسين أن معاوية ظلمه في حقّ له ، فقال له الحسين أخيّره في ثلاث خصال والرابعة الصيلم (١) : أن يجعلك أو ابن عمر بيني وبينه ، أو يقرّ بحقي ، ثم يسألني فأهبه له ، أو يشتريه مني ، فإن لم يفعل ، فو الذي نفسي بيده لأهتفن بحلف الفضول (٢) ، فقال ابن الزبير : والذي نفسي بيده لئن هتفت به وأنا قاعد لأقومن ، أو قائم لأمشين ، أو ماش لأشتدنّ (٣) حتى تفنى روحي مع روحك أو ينصفك ، قال : ثم ذهب ابن الزبير إلى معاوية ، فقال : لقيني الحسين فخيّرني في ثلاث خصال والرابعة الصيلم ، قال معاوية : لا حاجة لنا بالصّيلم ، إنّك لقيته مغضبا ، فهات الثلاث خصال ، قال : تجعلني أو ابن عمر بينك وبينه ، فقال : قد جعلتك بيني وبينه أو ابن عمر أو جعلتكما جميعا ، قال : أو تقرّ له بحقه ، قال : فأنا أقرّ له بحقه ، وأسأله إيّاه ، قال : أو تشتريه منه ، قال : فأنا أشتريه منه ، قال : فما انتهى إلى الرابعة قال لمعاوية : كما قال للحسين : إن دعاني إلى حلف الفضول أجبته ، قال معاوية : لا حاجة لنا بهذه.
قال : وبلغني أن عبد الرّحمن بن أبي بكر ، ومسور بن مخرمة قالا للحسين مثل قول ابن الزبير ، قال : فبلغ ذلك معاوية ، وعنده جبير بن مطعم ، فقال له معاوية : يا أبا محمّد ، كنا في حلف الفضول ، قال له جبير : لا.
وحكى الزبير أيضا نحو هذه القصة للحسن بن علي مع معاوية إلّا أن هذه أتمّ.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن سعيد بن محارب بن عمرو الأوسي الإصطخري ، نا أبو خليفة ، أنا الرياشي عن العتبي قال :
قدم معاوية المدينة ، فخرج إلى العقيق ، وخرج الناس إليه ، وضربت له أبنية ، فجاء أبو
__________________
(١) الصيلم : القطيعة المنكرة.
(٢) حلف الفضول ، كان في الجاهلية ، وحضره النبي صلىاللهعليهوسلم سمي بالفضول لأن ثلاثة من جرهم كلهم يسمى الفضل وهم : الفضل بن فضالة وفضل بن وداعة ، والفضل بن الحارث. راجع تفاصيل حول حلف الفضول في سيرة ابن هشام ١ / ١٤٠ وما بعدها.
(٣) بالأصل وبقية النسخ : لأنشدن ، والمثبت عن المختصر.