مسور ، ما فعل طعنك على الأئمة؟ فقال المسور : دعنا من هذا وأحسن فيما قدمنا له ، قال معاوية : لا والله ، لتكلّمنّ بذات نفسك ، والذي تعيب عليّ ، قال المسور : فلم أترك شيئا أعيبه عليه إلّا بيّنته له ، قال معاوية : لأبرئ من الذنب ، فهل تعدّ يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة ، فإنّ الحسنة بعشر أمثالها ، أم تعد الذنوب وتترك الحسنات ، قال المسور : لا والله ما نذكر إلّا ما نرى من هذه الذنوب ، قال معاوية : فإنا نعترف لله بكلّ ذنب أذنبناه فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلك إن لم يغفرها الله؟ قال مسور : نعم ، قال معاوية : فما يجعلك أحقّ أن ترجو المغفرة مني؟ فو الله لما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي (١) ولكني والله لا أخيّر بين أمرين ، بين الله وبين غيره إلّا اخترت الله على ما سواه ، وأنا على دين يقبل الله فيه العمل ، ويجزى فيه بالحسنات ، ويجزى فيه بالذنوب ، إلّا أن يعفو عن من شاء ، فأنا أحتسب كل حسنة عملتها بأضعافها ، وأوازي (٢) أمورا عظاما لا أحصيها ولا تحصيها ، من عمل الله في إقامة صلوات المسلمين ، والجهاد في سبيل الله ، والحكم بما أنزل الله ، والأمور التي ليست تحصيها ، وإن عددتها لك ، فتفكر في ذلك.
قال المسور : فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر لي ما ذكر.
قال عروة : فلم يسمع بعد ذلك يذكر معاوية إلّا صلّى عليه (٣).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا محمّد بن علي بن محمّد الخيّاط ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن أبي طالب علي (٤) بن محمّد ، حدّثني أبو عمرو السعيدي ، نا أبو علي صالح بن الهيثم المخرمي ، نا الحسن بن حسن ، نا محمّد بن مصعب ـ يعني القرقساني ـ.
ح وأخبرناه عاليا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر ، أنا أحمد بن معروف ، أنا أبو علي بن الفهم ، نا ابن سعد ، أنا محمّد بن مصعب القرقساني.
نا أبو بكر بن أبي مريم (٥) ، عن ثابت مولى سفيان قال : سمعت معاوية وهو يقول : إنّي
__________________
(١) بدون إعجام في م ، وفوقها ضبة.
(٢) بالأصل ود ، و «ز» ، وم : «وإذا رأى» والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) كذا بالأصل وبقية النسخ ، وفي تاريخ بغداد : إلّا استغفر له.
(٤) في «ز» : «نا علي».
(٥) من طريقه روي في سير الأعلام ٣ / ١٥٠ وتاريخ الإسلام (٤١ ـ ٦٠) ص ٣١٣.