أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو بكر ، أنا أبو الحسين ، نا عبد الله ، نا يعقوب قال :
ثم كانت قبرس وإصطخر (١) الآخرة في عام واحد ، سنة ثمان وعشرين ، وأمير قبرس معاوية بن أبي سفيان ، وكان عام المضيق سنة ثنتين وثلاثين وأميرها معاوية بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن فهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني معمر قال : قال الزهري : ولّاه ـ يعني ـ عمر عمل يزيد ـ يعني ـ أخاه ، ولم يفرد له الشام حتى كان عثمان ، فأفرد له الشام.
قال محمّد بن عمر : وهذا الأمر المجتمع عليه عندنا لا اختلاف فيه ، وقد روى لنا ابن أبي سبرة عن إسماعيل بن أمية أن عمر أفرد معاوية بالشام ، ورزقه ثمانين دينارا في كلّ شهر ، والأوّل أثبت.
قال ابن أبي سبرة : وقد أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم.
أن عمر استعمل معاوية بن أبي سفيان على عمل أخيه ، وكتب إليه : إنّي قد ولّيتك عمل يزيد بن أبي سفيان الذي كان يلي في كتاب طويل أمره فيه بتقوى الله وما يعمل به في عمله ، فكتب إليه معاوية جواب كتابه ، فلم يزل معاوية واليا لعمر حتى قتل عمر ، واستخلف عثمان ابن عفّان ، فأقرّه على عمله ، وأفرده بولاية الشام جميعا ، فاستقضى فضالة بن عبيد بن نافذ الأنصاري ، وشخص أبو سفيان بن حرب إلى معاوية بالشام ومعه ابناه : عتبة وعنبسة ، فكتبت هند إلى معاوية : قد قدم عليك أبوك وأخوك ، فاحمل أباك على فرس وأعطه أربعة آلاف درهم ، ففعل معاوية ذلك ، فقال أبو سفيان : أشهد بالله أن هذا لعن رأي هند.
فلمّا (٢) قتل عثمان كتبت (٣) نائلة ابنة الفرافصة إلى معاوية كتابا تصف فيه كيف دخل على عثمان ، وكيف قتل ، وبعثت إليه بقميصه الذي قتل وهو عليه ، فيه دمه ، فقرأ معاوية الكتاب على أهل الشام ، وأمر بقميص عثمان ، فطيف به في أجناد الشام ، ونعي إليهم عثمان ، وأخبرهم بما أتي إليه واستحلّ من حرمته ، وحرّضهم على الطلب بدمه ، فبايعوه على الطلب بدم عثمان ، وبويع علي بن أبي طالب بالمدينة ، فقال له عبد الله بن العباس والحسن بن
__________________
(١) اصطخر : من أقدم وأشهر مدن فارس (راجع معجم البلدان).
(٢) قارن مع تاريخ الإسلام (الخلفاء الراشدون) سنة ٣٧ ص ٥٣٧.
(٣) استدركت عن هامش الأصل.