فيدخل الظالم والمظلوم فيأخذ كل واحد منهما (١) قضاء ويسمي عليه ما يريده ، ويجعل كل واحد فضة في كفة الظالم وترتفع كفة المظلوم. ومن أراد سفرا ، وكذا من صلاح وفساد ، فلما دخل بخت نصر نقل الميزان إلى بابل.
ومن العجائب التي (٢) عملها :
تنور يشوي بغير وقود ، وقدرا يطبخ بغير نار ، وسكينا منصوبة إذا رأتها بهيمة أقبلت وذبحت نفسها بها. والماء الذي يستحيل نارا. والزجاج الذي يستحيل هواء ، إلى غير ذلك من اليزنج ، والناموس.
وأقام أقسامس أول ولايته سبع سنين في أرغد عيش ، ثم مات وزيره ، فأقام مكانه رجلا من بيت المملكة يقال له : ظلماء بن قومس ، وكان له شجاعا كاتبا كاهنا ساحرا / حكيما رهيبا متصرفا في كل فن ، وكانت نفسه تنازعه الملك.
فلما أقيم دبر أمر المملكة ، وتوسل بخير ، ونظر في مصالح الناس ، فأحبوه ، وفرحوا بولايته ، ولم يجعل له همة إلا إقامة الأعلام ، وعمران الخراب ، وتجديد الهياكل ، وبناء الصخور والمدائن.
ورأى في كهانته أنه سيحدث أمر سماوي وشدة ، فأقام حصونا ، وبنى بناحية رقودة ملاعب ومصانع.
ثم اجتمع إليه القبط ، فشكوا إليه حال الإسرائيليين ، فقال : دعوهم ، وخرج ظلماء إلى مملكة البربر فعاث فيها ، وقتل ، وسبى.
وقيل : أن أقسامس عمل على منارة الإسكندرية مرآة يرى منها بلد الروم ، وأصحاب الجزائر وما يعملون فيها والمراكب والمستعدين.
وأن أقسامس غاب واحتجب مدة ، فأقام عليهم ظلماء أحد عشر سنة يقوم بمصالح أهل البلد ، فلما طالت غيبته عنهم اضطربوا وتغيرت نياتهم على ظلماء ، ثم سألوه عن أمره فقال : قد تخلى عنكم وقلد ولده :
لاطس الملك بن أقسامس :
حكايته عجيبة وهو آخر الملوك ، وبه نختم الكتاب.
جلس على سرير الملك ، وتتوج بتاج أبيه وكان جريئا معجبا سلقا ، فجمع الناس وقال لهم : اعلموا أني مستقيم لكم ما استقمتم ، ومعوج عليكم إن اعوججتم ، ثم أنه
__________________
(١) في المخطوط : منهم ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : الذي ، وهو تحريف.