وقوّر جبلا عظيما ، وأحكم عمله ، ثم ألبسه سبعين حلة منسوجة بالذهب والمعادن ، وأجلسه على سرير من الذهب ، قوائمه من الزمرد ، ووضع بإزاء وجهه عمود من ذهب مكتوب عليه :
هذه الأبيات :
أنا شداد بن عاد |
|
صاحب القصر المشيد |
وأخو القوة والبأس |
|
والجيش العديد |
قد ملك الأرض طرّا |
|
من قريب وبعيد |
وقهرت الخلق جميعا |
|
من مسن ووليد |
لم تكن تغني جيوشي |
|
ورجالي وعبيد |
حين قضاء الله أتانا |
|
من سماء بالوعيد |
كلنا صرنا جميعا |
|
جندلا فوق الصعيد |
فاعتبر يا من رآنا |
|
واتبع الرأي السديد |
كسرة تكفيك يوما |
|
ثم كوخ من جريد |
واقتنع تعيش حرا |
|
ثم لا تبغي المزيد |
صفة رومة المدائن وبنائها
وذلك مما أورده الشيخ العلامة أبو المظفر يوسف سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» ، أنه نقله من كتاب «المسالك والمهالك» (١) وذلك أن رومة المدائن من عجائب الدنيا ، مساحة طولها من الباب الشرقي إلى الباب الغربي ثمانية وعشرون ميلا ، ولها سوران بينهما مقدار ستون ذراعا ، وسمك السور الأول اثنان وسبعون ذراعا ، والثاني اثنان وأربعون ذراعا ، وبين السورين (٢) نهر مغطى ببلاط من نحاس ، طول البلاطة سبع وأربعون ذراعا وفيها مكان يدخله ماء البحر صفاء الخليج ، تدخله المراكب بقلوعها ، وعلى شواطئه حوانيت تجار ومتسببين يبيعوا على من يدخل من المراكب وغيره. وبها كنيسة مبنية على قناطر من نحاس ، وأركانها وحيطانها وسقوفها آنية من نحاس ، وهي إحدى عجائب الدنيا.
ولرومة ألف باب من النحاس الأصفر سوى أبواب مصنوعة من عود وصندل وأبنوس عليها من النقوش ما لا يصفه واصف ، وبها ألف ومائتي كنيسة ، وأربعون ألف
__________________
(١) المعروف كتاب «المسالك والممالك» ، فربما أنه تحرّف.
(٢) في المخطوط : السور ، وهو تحريف.