ومن عجائب المخلوقات يأجوج ومأجوج
قيل : إن يأجوج ومأجوج أمة لا يحصى عددها ، وقد زعم قوم : إن مقدار ربع العام من الأرض مائة وعشرون سنة ، وأن تسعين سنة ليأجوج ومأجوج منها ، واثني عشر للسودان ، وثمانية للروم ، وثلاث للعرب ، وسبعة لبقية الأمم.
وقال أصحاب التاريخ : إن يأجوج ومأجوج أربعين أمة مختلفو الخلق والعدد والأشكال ، ولكل أمة منهم ملك ولغة ، ومنهم من طوله شبر ، ومنهم من طوله ذراع ، وأطول ، ومنهم المشوّهون ، ومنهم من يفرش إحدى أذنيه تحته ويتغطى بالأخرى ، ومنهم من له أنياب وقرون ، وأذناب ، وقرونهم بارزة ، ومنهم من مشيه وثب كالغراب ، ومنهم من يأكل الحيات وحشائش الأرض ، ويأكلون كل ذات ناب ومخلب ، واللحم نيئا ، ويغير بعضهم على بعض ، ويأكل بعضهم بعضا ، ومنهم من كلامه تهتهة ، وفيهم شدة بأس وإقراء وبطش ، يغيرون على البلاد فيأخذونها ، فجاء ذو القرنين وعمل عليهم السد ، فمنعوا ، وسيفتحونه آخر الزمان ، وعندهم الزلازل كثيرا ، وقد سئل النبي صلىاللهعليهوسلم عنهم ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «دعوتهم ليلة أسري بي فلم يجيبوا».
ومن عجائب المخلوقات عناق ووالدها عوج الجبّار
عناق بنت آدم وهي من مشوهات الخلق ولها رأسان ، وفي كل يد عشرة أصابع ، ولكل إصبع ظفران كالمنجلين الحادين. وقيل : هي أول من بغى وعمل الفجور ، وجاهر بالمعاصي ، وكان مع آدم عليهالسلام أسماء وعوذة ، فدفعها إلى حواء لتكون حفظا لها فنامت ، فأخذتها عناق ، فاستجلبت واستخدمت وأضلت كثيرا ، فدعا آدم أمته حوا ، فأرسل الله إليها أسدا عظيما مزق أعضاءها وأراح / الخلق منها.
وأما عوج :
لم يبلغ الطوفان منه إلى بعض جسده وعاش إلى زمن فرعون ، فلما رأى موسى عليهالسلام أراد كيدهم ، فقطع صخرة على قدرهم وكانوا في زهاء (١) مائتي ألف فاحتملها على رأسه فأرسل الله له طيرا نقرها ، فنزلت من رأسه إلى عنقه ، فلم يتحرك من موضعه ، وأمر الله تعالى عزّ شأنه موسى بقتله ، فوثب وثبة عشرة أذرع فضربه بعصاه ، وكان طولها عشرة أذرع ، فمات لوقته ، وصار جسرا على النيل يعبر الناس والدواب عليه مدة طويلة. وقيل أنهم جروه بألف عجلة وألف ثور في كل يوم نصف ميل إلى أن طرحوه في بحر القلزم ، وقيل أنهم قطعوه وألقوه في البحر وترك في موضعه ، وردموا
__________________
(١) بالهامش : ما يزيد.