فقال ارتجالا في حق من لا يفهم ما في الكتاب ، هذين البيتين :
حوامل للأسفار لا علم عندهم |
|
بأخبارها إلا كعلم الأباعر |
لعمرك لا يدري البعير إذا غدا |
|
بأحماله إذ راح ما في الغرائب |
فالتواريخ : مخبرة عن الموتى ، مترجمة عن الأحياء ، فلا صاحب أحب منه أخلاقا ، ولا صديق أوفى منه ميثاقا ، لا يغضب إن هجرته ، ولا يتخلف إن طلبته ، يزيدك علما بالمطالعة ، ويفيدك فضلا بالمراجعة فإن صنته كان ذلك خير نديم ، وإن أعرته لم تراه بدارك مقيم ، فاحفظه (١) جهدك يكون أنيسك إذا كنت وحدك ، وكثرة الصواب حفظ ما عندك من كتاب.
نبذة من خبر إرم ذات العماد
وذلك ما رواه أبو إسحاق الثعلبي عن عبد الله بن قلابة : وذلك أنه خرج في طلب إبل له ضلت (٢) وشردت ، فبينما هو يدور في طلبها في صحارى عدن إذ وقع على مدينة عظيمة في تلك الفلوات عليها حصن عظيم ، وحول ذلك الحصن قصور كثيرة ، فلما رآها ظن بها سكان ، فلما قرب منها لم ير بها أحد. فنزل عن دابته وعقلها ، ودخل من بابها وإذا ببابين عظيمين ، وهما مرصعان بالجواهر واليواقيت النفيسة ، وبداخلها قصور كثيرة كلها (٣) مرقون على أعمدة الدر والزبرجد ، والياقوت ، وفوق كل قصر منها غرف ، وفوقها مجالس ، الجميع مبني بلبن الذهب والفضة / وحيطان القصر مرصعة (٤) باللؤلؤ واليواقيت والمعادن النفيسة ، وأبواب الغرف مثل أبواب المدينة ، أرضها مفروشة جميعها بالمسك والزعفران. وحصباؤها اللؤلؤ والمعادن والجواهر واليواقيت وشجرها جميعا أصناف من ذهب وثمرها من المعادن المختلفة الألوان تحت الأشجار أنهار مطردة تجري في أرض مفروشة ببلاط الذهب ، ومعادن مجوفة تدخل الريح من أدبارها فتصوت أصواتا عجيبة يذهل السامع طيب ألحانها.
قال الرجل : والذي بعث محمدا بالحق نبيا : إن هذه الجنة التي وعدناها من ربنا على لسان نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم في كتابه العزيز وحمل معه لؤلؤها وحصبائها أزاد ، وعجز أن يقلع مما هو في حيطانها وأبوابها شيء لير صنيعه.
وسار إلى اليمن ، وأظهر ما معه ، وأعلم الناس بما رأى ، فبلغ أمره لمعاوية ،
__________________
(١) في المخطوط : فاخفضه ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط : ظلت ، وهو تحريف.
(٣) في المخطوط : كلهم ، وهو تحريف.
(٤) في المخطوط : المرصعين ، وهو تحريف.