وعدهم جميلا ، وأمر ونهى ، وألزم الناس أعمالهم ، وحطّ جماعة عن مراتبهم ، وصرف ظلماء عن ما كان عليه من خلافته ، واستخلف مكانه رجلا يقال له : لا يفوق ، وهو من ولد صاء الأكبر بن تداروس فدفع إليه الملك خاتمه.
وكان كاهنا كاتبا ، وأنفذ ظلماء عاملا على الصعيد وأنفذ معه جماعة من الإسرائيليين. والتفت الملك إلى تدبير مملكته ، فتفقد النواحي فساعد أهلها ووسع عليهم وطنهم وآمنهم ، وسد الترع المسدة ، وأقام لهم ما انقض من الأبنية وعلا الجسور ، وعقد المنافذ ، وبنى القناطر ، وأصلح ما فسد ، وجدد ما انهدم / وأقام ما كان وكف.
ثم أنه أثار معادن كثيرة وكنز منها كنوزا في صحراء الشرق. واستعمل الأواني المصنوعة من الجواهر الخضر والزجاج الملون وغير ذلك.
فلما تهيأ له ما كان في عزمه ، واستقر بملكه ، اجتمع الناس على اتباع أمره ونهيه ، وأمر الخاص والعام من جنده أن لا يجلس أحد منهم في قصره بل يقفوا بين يديه ممتثلين لأمره ونهيه إلى وقت انصرافهم من عنده.
وتكبر ، وطغى ، وتجبّر ، وزاد في البأس (١) والعنف بهم حتى أنه ضيق عليهم في أسبابهم فمنعهم فضول أموالهم وقال : اقتصروا على قوتكم لا غير ، وجمع أموالهم ، واستعبد بني إسرائيل وقتل جماعة من الكهان ، فأبغضه الخاص والعام.
وأما ظلماء وهو فرعون :
لما أن صرفه (٢) الملك عن مصر أخذ في نفسه منه ونوى له غدرا ، فلما أتم أمره في مكانه على عمله منع الناس أن يحملوا للملك خراجه.
وعمد إلى المعادن التي أثارها لاطس فأضافها لنفسه ، وحال بينه وبينها.
وكان لظلماء صاحب يثق به ، فأشار على ظلماء أن يطلب الملك لنفسه ، وقال له : سيكون لك أمر.
فقال : قد رأيت مثل هذا لنفسي.
ثم أن ظلماء كاتب وجوه أهل البلد باجتماعهم عليه ، ووعدهم بالبذل والهبات والمنح والتحف والمكرمات.
وفي بعض كتبهم :
أن روحانيا ظهر لظلماء وقال : أطيعك إن أطعتني ، وأقلدك مصر زمانا على أن
__________________
(١) في المخطوط : الناس ، وهو تحريف.
(٢) في المخطوط على هذا الرسم : انصرفه ، وهو تحريف.