تجوالهم في الأقطار المختلفة التي يمرّون بها ، ولقاءهم لمشاهير الأدباء والعلماء الّذين قابلوهم في رحلاتهم ، وتقييد ما كان يصدر عنهم من شعر وغيره.
والمشهور من الرّحلات بين النّاس رحلة ابن بطوطة ت (٧٧٩ ه / ١٣٧٧ م) ورحلة ابن جبير ت (٦١٤ ه / ١٢١٧ م) ، ويبدو أنّ السّبب في شهرتهما لا يعود إلى مضمون هاتين الرّحلتين فحسب ، وإنما يعود إلى ظهورهما بين النّاس منذ مدّة طويلة ، وعناية الباحثين ـ مستشرقين وعربا ـ بهما ، ومن هنا ذاع صيت الرّحلتين بين النّاس.
ورحلة العبدريّ لا تقلّ أهميّة عن الرّحلتين السّابقتين ، إن لم تكن تفوقهما في بعض الجوانب ، ولا سيما في جانبها الأدبيّ ، لأن العبدريّ صاحب الرّحلة كان أديبا عالما من علماء المغرب في القرن السّابع الهجريّ ، صرف جلّ اهتمامه في رحلته إلى النّاحية العلميّة في البلاد الّتي قطعها برّا من المغرب الأقصى إلى البلاد الحجازية ، والقدس ، والخليل ، فضمّن رحلته تراجم للعلماء الّذين التقاهم في رحلته ، وذكر كثيرا من طبائعهم ، وعاداتهم ، وأخبارهم ، وأشعارهم الّتي لم نقف على كثير منها في غير هذه الرّحلة.