على مقتضى رسمها ، وما أنصف من ذمّها بالمحال ، وتعسّف عليها فقال : (١) [الطويل]
لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها |
|
ولكنّني ألفيتها وهي توحش |
وقد أقمت بها مدّة حتّى شفيت الحشا العليل ، ونقعت بوردها الغليل ، وقطعت فيها الغدوّ والأصيل بمجالسة كلّ فاضل جليل ، فما أنفصل عن عالم يوضح الحلك مهما أجاب ، إلّا إلى صالح يحتلب به درّ (٢) السّحاب. ولا أغدو عن مجلس أدب كقطع الرّياض ، إلّا إلى محفل وعظ يسقي الخدود بالدّمع الفيّاض [١٢٨ / ب] فقطعتها أيّاما من غفلات الدّهر مختلسات ؛ وانتظم لي بها شمل أنس طالما مني بالشّتات ؛ فلم يبق بها شيخ مذكور إلّا رأيته ، ولا علم (٣) مشهور إلّا أتيته.
[ملازمته لابن الغماز]
فممّن واظبته مدّة الإقامة ، ولزمته لزوم الطّوق للحمامة ، الشّيخ الفقيه الفاضل والحبر النّزيه الكامل ، قاضي القضاة ، وزين الحملة والرّواة ، ذو التّواضع والإنصاف ، والمعروف بوطاءة الأكناف ، مسند عصره ، والمرجوع إليه في مصره ، أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن حسن بن محمّد بن (٤)
__________________
(١) البيت في المغرب للبكري ٤٠ ، ومعجم البلدان ٢ / ٦١ دون عزو. وكذلك في الروض المعطار ١٤٤ ، وفي آثار البلاد وأخبار العباد ١٧٤ معزوّ لبعض ولاتها حين خرج عليه أهل تونس ولقي منهم التباريح.
(٢) ليست في ط.
(٣) في ت : عالم.
(٤) «ابن» ليست في ط.