غربي المسجد قبر يوسف عليهالسلام ، دفن هنالك حين نقل من مصر بوصيّة ، والآن قد زيد في المسجد حتّى رجع قبره في داخله ، وعلى يمين المنبر لاصقا بجدار القبلة نفق يهبط منه على درج من رخام ، متقنة العمل إلى مسلك ضيّق هو ممرّ إنسان واحد ، ويفضي إلى فسحة ليست بكبيرة مفروشة بالرّخام ، وفيها صور ثلاثة قبور مقابلة للدّاخل في طول الحائط مصطفّة من الشّرق إلى الغرب ، ويقال هي علامات للقبور [١١٩ / ب] محاذية لها ، وكذلك الّتي في المسجد ؛ وذلك أنّه كان هنالك غار كبير وفيه القبور ، ثمّ سدّ كلّه إلّا بالمدخل المذكور. وجعل للقبور علامات محاذية في بطن الغار وهي الّتي في المدخل ، وفي ظاهره ، وهي الّتي في المسجد. وكان باب الغار في مؤخّر المسجد عند قبر يعقوب كما سيأتي ذكره ، ثمّ ردّ عند المحراب كما ذكرنا ، وقد نزلت إليه وتأمّلته مرارا ، ودعوت الله فيه سرّا وجهارا والحمد لله على حسن عونه.
[مقابر الأنبياء]
وقد رأيت أن أقيّد هنا شيئا ممّا ذكر في هذه القبور وفي الغار وما يتصّل بذلك بحول الله وقوّته ، وما التّوفيق إلّا به.
وجدت بخطّ الفقيه ، القاضي ، المحدّث ، الإمام ، أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن مفرّج الأندلسيّ (١) ـ رحمهالله ـ في تأليف عليّ بن جعفر الرّازيّ الّذي (٢) سماه «المسفر للقلوب عن صحّة قبر إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب». وهو جزء لطيف نقلته من خطّ ابن مفّرج ـ رحمهالله ـ وهو روى
__________________
(١) هو محمد بن أحمد بن مفرّج الأندلسي : قاض ، محدّث ، من أهل قرطبة رحل إلى المشرق في طلب العلم والحديث ، وتولى القضاء في أستجة وريّة ، من كتبه فقه الحسن البصري ، وفقه الزهري. ترجمته في تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي ٢ / ٩١ ـ جذوة المقتبس ٤٠.
(٢) ليست في ط.