[من بجاية إلى وهران ولقاؤه للمشدالي]
ثمّ سافرنا من بجاية فمررنا على قرية ملالة ، وهي بالقرب منها ، فرأيت بها الفقيه أبا علي منصور بن محمّد الزّواويّ المشداليّ (١) ومشدالة قبيلة من زواوة ، ويلقب بناصر الدّين لقّبا لزمه من المشرق [١٤٨ / آ] ، وقد دخل قديما إليه فقرأ به الأصول والفروع دراسة وتفقّها. وله منها حظّ وافر ، ولكنّه غير معتن بالرّواية ، ولا له فيها حظّ ، وقد حدّثني أنّه حضر وفاة أبي عبد الله [محمّد](٢) بن أبي الفضل السّلميّ (٣) بالزّعقة من رملة (٤) الشّام. وسألته عن التّاريخ ـ وكان غرضي ـ فلم يحفظه شهرا ولا عاما ، وهذا نهاية ما يكون من الإغفال ، وحسبنا الله في كل حال.
ثمّ رحلنا على طريقنا الأولى إلى مليانة فتيامنّا منها على طريق مازونة ، مثوى خطوب الزّمان ، ومناخ ركاب الحدثان ؛ وهي بليدة مجموعة ، مقطوعة من بعض جهاتها بحرف واد منقطع شبه قلعة ، ولكنّها واهية حسّا ومعنى ، وليس بها ما يتعرّض لذكره البتّة.
[ذكر وهران]
ثمّ مررنا على مدينة وهران ، وهي مدينة مليحة ، حصينة ، بريّة ، بحريّة ، وهي مرسى (٥) تلمسان وأنظارها ، ومتجر تلك النواحي ، ولكنّها لما طرقها من
__________________
(١) هو منصور بن أحمد بن عبد الحق المشدالي : فقيه مالكي. له مشاركة في علوم العربية والمنطق والجدل ، نشأ ببجاية ورحل إلى المشرق طلبا للعلم ، توفي سنة ٧٣١ ه من مصنفاته شرح على رسالة أبي محمّد ابن أبي زيد لم يكمله ، له ترجمة في وفيات ابن قنفذ ٣٤٤ ـ نيل الابتهاج ٣٤٤ ، عنوان الدراية ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٢) ليست في الأصل.
(٣) كانت وفاته في ربيع الأول سنة ٦٥٥ ه.
(٤) الرّملة : مدينة عظيمة بفلسطين وكانت رباطا للمسلمين. انظر معجم البلدان ٣ / ٦٩.
(٥) في ت وط : من مراسي.