بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
المقدّمة
يزخر تراث هذه الأمّة بنفائس الكتب الّتي تحتوي على ضروب من العلم كان لها أثرها في ازدهار الحضارة. وقد آل كثير من هذا التّراث إلى مجلّدات ترصف بها المكتبات ، أو يباهى باقتناء بعضها ، ولم يخرج إلى النّاس إلّا القليل ممّا كتب علماء العرب وخدمة حضارتها.
ولمّا كان من الوفاء لهذا التّراث أن نخرجه للنّاس مخرجا حسنا ، ونخدمه خدمة تليق به ، سعيت باحثا في سبيل ذلك ، فوجدتني أمام نصّ «رحلة العبدريّ» ، وراقني طرافة موضوعه ، وتميزّه في بابه ، ورأيت أنّه لّما يعط حقّه من العناية والتّحقيق ، فرغبت في أن أخرجه إخراجا علميّا أحقّق من خلاله ما أصبو إليه من الإسهام في حركة بعث التّراث.
ولا يخفى ما لأدب الرّحلة في تراثنا من أهميّة بارزة في مختلف المجالات ، وذلك لما تحتويه الرّحلات من فوائد علميّة ، وأدبيّة جمّة تعتمد في كثير منها على المشاهدة ، والرّواية الشّفويّة ، إذ كان بعض الرّحالين النّابهين يقومون بتدوين مشاهدتهم ، ومواقفهم من أحوال العالم آنذاك ، فيصفون