هوازن كلها ، وكان مالك قد قدم على ثقيف بالطائف فدعاهم إلى المسير ، وأخبرهم أن قومه قد أجمعوا المسير إلى محمّد ، فوجد ثقيفا إلى ذلك سراعا ، فذكر الحديث في هزيمة هوازن.
قال (١) : ووقف مالك بن عوف على ثنية من الثنايا معه فرسان من أصحابه ، فقال : قفوا حتى يمضي ضعفاؤكم ويلتئم أخراكم ، وقال : انظروا ما ذا ترون؟ قالوا : نرى قوما على خيولهم واضعين رماحهم على آذان خيولهم ، قال : أولئك إخوانكم بنو سليم ، وليس عليكم منهم بأس ، انظروا ما ذا ترون؟ قالوا : نرى رجالا أكفالا (٢) قد وضعوا رماحهم على أكفال (٣) خيولهم ، قال : تلك الخزرج وليس عليكم منهم بأس ، وهم سالكون طريق إخوانكم ، قال : انظروا ، ما ذا ترون؟ قالوا : نرى أقواما كأنهم الأصنام على الخيل ، قال : تلك كعب بن لؤي وهم مقاتلوكم ، فلمّا غشيته الخيل نزل عن فرسه مخافة أن يؤسر ، ثم طفق يلوذ بالشجر حتى سلك في يسوم ـ جبل بأعلى نخلة فأعجزهم هاربا ، ويقال : قال : ما ترون؟ قالوا : نرى رجلا بين رجلين ، معلما (٤) بعصابة صفراء يخبط (٥) برجليه الأرض ، واضعا (٦) رمحه على عاتقه ، قال : ذاك ابن صفية الزبير ، وأيم الله ليزيلنكم عن مكانكم ، فلما بصر بهم الزبير حمل عليهم حتى أهبطهم من الثنية ، وهرب مالك بن عوف فتحصن في قصره بليّة (٧) ، ويقال : دخل حصن ثقيف.
وقال (٨) رسول الله صلىاللهعليهوسلم للوفد ـ يعني وفد هوازن ـ حين أتوه يسألونه السبي : ما فعل مالك؟ قالوا : يا رسول الله هرب ، فلحق بحصن الطائف مع ثقيف ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أخبروه أنه إن يأت مسلما رددت إليه أهله وماله ، وأعطيته مائة من الإبل» ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمر بحبس أهل مالك بمكة عند عمتهم أم عبد الله بنت أبي أمية ، فقال الوفد : يا رسول الله ، أولئك سادتنا وأحبّتنا إلينا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّما أريد بهم الخير» ، فوقف مال مالك [فلم يجر فيه السهم](٩) فلمّا بلغ مالك بن عوف الخبر ، وما صنع في قومه ، وما وعده
__________________
(١) مغازي الواقدي ٣ / ٩١٦.
(٢) الأكفال ، واحده كفل ، والكفل من الرجال هو الرجل الذي يكون في مؤخر الحرب.
(٣) أكفال الخيول : جمع كفل محركة ، وهو العجز.
(٤) بالأصل : معلم ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٥) بالأصل : بحط ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٦) بالأصل : واضع ، والمثبت عن مغازي الواقدي.
(٧) لية : من نواحي الطائف (معجم البلدان).
(٨) مغازي الواقدي ٣ / ٥٤ ـ ٩٥٥.
(٩) بياض بالأصل ، والزيادة استدركت عن مغازي الواقدي.