يصير ، وليس له شيء يؤنسه في قبره ، فلم يزل يقول ذلك حتى خرّ مغشيا عليه في جوف القبر ، فحملوه وانطلقوا به إلى منزله مغشيا عليه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد بن يوة (١) ، أنا أبو الحسن اللنباني (٢) ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن الحسين ، حدّثني محمّد بن عبد العزيز بن سلمان العابد قال : سمعت أبي يقول : سمعت مالك بن دينار يقول :
عجبا لمن يعلم أن الموت مصيره ، والقبر مورده كيف يقرّ بالدنيا عينه ، وكيف يطيب فيها عيشه ، ثم يبكي مالك حتى [يسقط](٣) مغشيا عليه.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر ابن حيوية ، أنا محمّد بن القاسم الكوكبي ، نا ابن أبي خيثمة ، نا المثنى بن معاذ ، نا أبي ، نا عمران بن خالد الخزاعي قال : سمعت ثابت البناني يقول لمالك بن دينار : يا أبا يحيى ، وددت أني رأيتك عروسا ، قال : فقال مالك : والله لو لم أر ميتا قط غير الحسن لكفاني حزنا ما بقيت.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن علي المخزومي ، نا محمّد بن نصر ، عن مكّي بن (٤) ، عن جعفر بن سليمان ، عن مالك بن دينار أنه قال :
أتيت القبور فناديتها |
|
أين المعظّم والمحتقر؟ |
وأين المدلّ بسلطانه |
|
وأين المزكى إذا ما افتخر |
قال : فنوديت من بينهما ولا أرى أحدا :
تفنوا جميعا فما مخبر |
|
وماتوا جميعا ومات الخبر |
تروح وتغدو بنات الثرى |
|
فتمحو محاسن تلك الصّور |
فيا سائلي عن أناس مضوا |
|
أمالك فيما ترى معتبر؟ |
__________________
(١) بدون إعجام بالأصل ، أعجمت وضبطت عن تبصير المنتبه.
(٢) إعجامها ناقص بالأصل ومضطرب.
(٣) استدركت عن هامش الأصل ، وبعدها صح.
(٤) رسمها بالأصل : «مم؟؟؟ ر».