أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن أحمد ، أنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن القاسم ، وأبو عمرو عبد الوهّاب بن محمّد بن إسحاق ، قالا : أنا أبو محمّد الحسن بن [محمد بن](١) أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر (٢) ، نا عبد الله بن محمّد بن (٣) عبيد ، نا محمّد بن يحيى بن أبي حاتم الأزديّ ، نا داود بن المجبر ، نا عبّاد بن كثير ، وحمّاد بن زيد عن واصل مولى أبي عيينة (٤) قال :
كنت مع محمّد بن واسع بمرو فأتاه عطاء بن مسلم ومعه ابنه عثمان ؛ قال عطاء لمحمّد : أيّ عمل في الدنيا أفضل؟ قال : صحبة الأصحاب ، ومحادثة الإخوان إذا اصطحبوا على البرّ والتقوى ، فحينئذ يذهب الله بالخلاف من بينهم ، تواصلوا ولا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان ، إذا كانوا عبيد بطونهم ، لأنهم إذا [كانوا](٥) كذلك ثبّط بعضهم بعضا عن الآخرة.
قال عطاء : يا أبا عبد الله بينا أنا قائم أصلّي وأنا غلام ، إذ أتاني رجل على فرس ، فقال : يا غلام عليك بالبرّ والتقوى ، فإنّ البرّ والتقوى يهديان إلى الإيمان ، وإيّاك والكذب والفجور ، فإن الكذب والفجور يهديان إلى النار ، ثم قال : يا بن أخي اصحب أولياء الله ، فإنّ أولياء الله هم الألبّاء العقلاء الحذرون المسارعون في رضوان الله المراقبون لله ، فإذا رأيت أهل الصفة فاقترب منهم فهم أولياء الله ، فقلت : كيف أعرف أهل النفاق والكذب والفجور؟ فقال : أولئك قوم إذا رأيتهم يأباهم قلبك ، ولا يقبلهم عقلك ، إذا سمعت كلامهم سمعت كلاما حلوا له لذاذة (٦) ، ولا منفعة له ، وإياك أن تصحب أهل الخلاف ، قلت : ومن أهل الخلاف؟ قال : المفارقون لأهل السنّة والكتاب ، أولئك عبيد أهوائهم ، تراهم مصطحبين وقلوبهم تلعن بعضهم بعضا ، فاحذر هؤلاء واجتنبهم ، وعليك بالصلاة ، وانته عن محارم الله ، وتقرّب إلى الله بالنوافل ، فإنك إذا كنت كذلك كنت شاكرا عالما غنيا ، قال : ثم التفتّ فلم أر شيئا.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام الواسطي ، عن أبي عمر بن
__________________
(١) الزيادة عن هامش الأصل.
(٢) في د : عثمان.
(٣) عن د ، وبالأصل : نا.
(٤) بالأصل : «ابن عتيبة» وفي د : «ابن عيينة» كلاهما تصحيف ، وهو واصل بن عبد الرحمن مولى أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة واسم أبي عيينة عزرة. راجع ترجمة واصل في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٥٩.
(٥) زيادة عن د ، للإيضاح.
(٦) كذا بالأصل ود ، وفي المختصر : كلاما خلو الإرادة.