قال أبو عبد الله محمّد بن العبّاس : وأنشدني الحسين بن أبي عبد الله الكاتب في هذا المعنى :
له سحائب جود في أنامله |
|
أمطارها الفضّة البيضاء والذهب |
يقول في العسر إن أيسرت ثانية |
|
أقصرت عن بعض ما أعطي وما أهب |
حتى إذا عاد أيام اليسار له |
|
رأيت أمواله في الناس تنتهب |
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا علي بن عبد العزيز [بن](١) مردك ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، ثنا أبي قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى قال : سمعت الشافعي يقول : عاتب رجاء بن حيوة الزهريّ في الإنفاق والدّين ، وقال له : لا تأمن أن يمسك عنك هؤلاء القوم ، فتكون قد حملت على أمانتك ، فوعده أن يقصر ، فمرّ به رجاء بن حيوة يوما وقد وضع الطعام ، ونصب موائد العسل ، فقال له رجاء : هذا الذي افترقنا عليه ، فقال له الزهريّ : انزل ، فإنّ السخاء لا تؤدبه التجارب.
قال : وأخبرني أبي قال : سمعت يونس بن عبد الأعلى قال : سمعت الشافعي يقول : مرّ رجل من التجّار بالزهريّ وهو في قريته ، والرجل يريد الحج ، فابتاع منه بزّا بأربع مائة دينار إلى أن يرجع من حجّه ، فلم يبرح عنه الرجل حتى فرّقه ، فعرف الزهريّ في وجه الرجل بعض ما كره ، فلمّا رجع من حجّه مرّ به ، فقضاه ذلك ، وأمر له بثلاثين دينارا لينفقها (٢) في سفره ، فقال له الزهريّ : كأنّي رأيتك يومئذ ساء ظنّك؟ فقال : أجل ، فقال الزهريّ : والله لو لم أفعل ذلك إلّا للتجارة أعطي القليل فأعطى الكثير.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا رشأ بن نظيف ، أنبأنا الحسن بن إسماعيل بن محمّد ، أنبأنا أبو بكر المالكي ، ثنا إبراهيم بن نصر النهاوندي ، حدّثني سويد بن سعيد (٣) ، حدّثني ضمام ، عن عقيل بن خالد أنه أخبره أن الزهريّ كان يخرج إلى الأعراب يفقههم ويعطيهم. قال عقيل : فجاءه أعرابي وقد نفد ما في يده ، فمدّ الزهريّ يده إلى عمامتي فأخذها من رأسي فأعطاها الرجل وقال : يا عقيل أعطيك خيرا منها.
__________________
(١) زيادة لازمة عن «ز».
(٢) عن «ز» ، وبالأصل : ينفقها.
(٣) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ وتاريخ الإسلام (ترجمته) ص ٢٤٧.