بعضنا بعضا ، ولتكون كلمتنا واحدة على هذا الرجل وأصحابه ما بقي منا ومنهم رجل ، ففعلوا ذلك وتخالفوا ، فرجع كعب على قتال محمد صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، فواعده أبو سفيان أن يأتيه العام المقبل ، فلما قدم كعب وأصحابه إلى المدينة نزل جبريل عليهالسلام على نبي الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره بخبر كعب وأبي سفيان والذي صنعوا ، وأمر جبريل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقتل كعب ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى بني عبد الأشهل وهم حي من الأنصار من الأوس حلفاء النضير ، فقال : «يا معشر بني عبد الأشهل ، ألا ترون إلى حليفكم ما صنع؟» قالوا : وما صنع يا رسول الله : فأخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر ، فقال : «اكفونيه ، يا بني عبد الأشهل فإن الله عزوجل قد أمرني بقتله ، فاقتلوه.» قالوا : يا رسول الله نفعل ونطيع أمرك ، فإن فيهم أخاه من الرضاعة ومولاه في الحلف دوننا محمد بن مسلمة وهو لهم غير متهم ، ففعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك ، فانطلق خمسة رهط ، ثلاثة من بني عبد الأشهل أحدهم عمرو بن معاذ أخو سعد بن معاذ ، ومن بني حارثة ابن الحارث رجلان : محمد بن مسلمة وأبو عبس بن جبر. قالوا : يا رسول الله ، ائذن لنا ، فلننل منك عند الرجل ، فأذن لهم ، فانطلقوا ليلا ، وقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الصلاة ، فأتوا كعبا وقد أخذ مضجعه فنادوه ، يا أبا الأشرف ، فسمع كعب الصوت ، فوثب ، وأخذت امرأته بجانب ثوبه ، فقالت : إني لأرى حمرة الدم من هذا الصوت ، قبل أن يكون ؛ إنه لصوت مريب ، وأمر محمد بن مسلمة أصحابه فاختبأوا ، فضرب كعب يد امرأته ، فأرسلته ، وقال لها : لو دعي ابن حرة لطعنة بليل أجاب. فأشرف فنظر ، فقال : من هذا؟ فقال : أخوك محمد ابن مسلمة ، قال لامرأته : لا تخافي هذا أخي محمد بن مسلمة ، فقال كعب ـ ورحب به ـ ما حاجتك يا أخي؟ قال : أخذنا هذا الرجل بالصدقة ولا نجد ما نأكل فجئت لتقرضني وسقا من تمر ، وأرهنك به رهنا إلى أن يدرك ثمرنا ، فضحك كعب ، وقال : أم والله إن كنت لأعلم أن أمرك وأمر أصحابه سيصير إلى ما أرى ، وما كنت أحب أن أراه ، ولقد كنت تعلم يا محمد أنك كنت من أكرم أهل البلد عليّ وأحبهم إليّ ، ولقد كان الذي من أمرك وما على الأرض شيء كنت أمنعكه ، فأما إذا فعلت الذي فعلت فلست مصيبا عندي خيرا أبدا ، ما دمت على الذي أنت عليه ، ولقد علمت أنك لن تصيب من هذا الرجل أبدا إلّا شرا ، فأتني برهن وثيق ، قال : فخذ من أي تمر شئت. قال : عندي عجوة [يغيب](١) فيها الضرس. قال : أي الرهن تريد يا أبا الأشرف؟ قال : تأتيني بامرأتك. قال : لم أكن لأرهنك امرأتي وأنت أشب أهل
__________________
(١) سقطت من الأصل ، والمثبت عن المختصر ، وفي «ز» : «لعبت».