أنبأنا أبو الحسن محمّد بن جعفر النجار ، أنبأنا أبو علي الحسن بن داود النقار ، حدّثنا غسان الوضاحي ، حدّثنا إبراهيم بن عبد الله الخصّاف عن محمّد بن أنس عن محمّد بن سهل قال :
أتى الفرزدق وجرير الكميت يتنافران إليه فجعل الكميت يخلو بجرير فيقول له : أتفاخر الفرزدق؟ ألك مثل أبي الفرزدق نهشل؟ ألك مثل حاجب ابن زرارة ، ألك مثل لقيط بن معبد ، ألك كذا؟ ألك كذا؟ ويخلو بالفرزدق فيقول له : ألم تعرف ما في بني يربوع من الشرف؟ هل في بني تميم كلها مثل عيينة بن الحارث بن شهاب؟ أين مثل فرسانها؟ أين مثل وقفاتها؟ فجعل يكسر هذا مرة وهذا مرة ، ويعدّ شرف هذا وشرف هذا حتى افترقا على ذلك ، فجعلا يتوعدانه ، فبلغه ذلك ، فقال :
سأقضي بين كلب بني كليب |
|
وبين القين قين بني عقال |
بأنّ الكلب مطمعه خبيث |
|
وأن القين يعمل في سفال |
فما بقيا عليّ تركتماني |
|
ولكن خفتما صرد النّبال |
وقال النجار : وقد رويت هذه الأبيات (١) لغيره إلّا أن النقار رواها لنا.
قال رشأ : وحدّثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد الفرضي ، حدّثنا محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا القاسم بن إسماعيل ، حدّثنا قعنب بن محرر الباهلي ، قال :
لقي الكميت نصيبا فقال : يا عمّ أريد أن أعرض عليك شيئا من شعري فقال : هات يا بني ، فأنشده (٢) :
هل أنت عن طلب الإيفاع (٣) منقلب |
|
أم هل يحسّن بعد الشيبة اللّعب |
وهل (٤) ظعائن بالخلصاء بائعة |
|
وإن تكامل فيها الذّلّ والشنب |
فعقد نصيب بيده فقال : ما هذا العقد يا عم؟ قال : أعقد خطأك ؛ قال : وفي أي شيء؟ قال : في قولك الذل والشنب ، وما يشبه الذل من الشنب ، والشنب من برد الدين ، وما بينهما من المقاربة؟ ألا قلت كما قال ذو الرمة :
__________________
(١) البيت الأخير في تاج العروس «صرر» ونسبة للّعين المنقري يخاطب جريرا والفرزدق.
(٢) البيتان في شعر الكميت ١ / ١ / ٩٣.
(٣) الايفاع يريد بها الكواعب التي شارفت البلوغ.
(٤) روايته في شعر الكميت :
وهل رأينا بها حورا منعمة |
|
بيضا تكامل فيها الدل والشنب |
وفي الأغاني ١ / ٣٤٨ :
أم هل ظعائن بالعلياء نافعة |
|
وإن تكامل فيها الأنس والشنب |