فقال له عمه : من ويلك؟ فقال :
إلى النفر البيض (١) الذين بحبّهم |
|
إلى الله فيما نابني أتقرّب |
فقال له عمه : ثكلتك أمّك من هم؟ فقال :
بني هاشم رهط النبي فإنّني |
|
لهم وبهم أرضى مرارا وأغضب |
قال : فأمسك عمّه حتى أتى على القصيدة إلى آخرها فقال عمه لقومه : ليهنكم النعمتين إن فيكم شاعرا ، ومع ذلك إنه طاهر الولادة.
قال : وأنبأنا محمّد بن جعفر ، حدّثنا ابن الأنباري عن أبيه ، عن أبي عكرمة الضبّي قال : لو لا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ، ولا للبيان لسان (٢).
أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أبو عبد الله الطوسي ، حدّثنا الزبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن الحسن الأسدي قال : أنشدني ابن المستهلّ بن الكميت لأبيه الكميت ابن زيد يعاتب قريشا وبعث إليهم ببرة بنت مرّ (٣) :
بني ابنة مرّ! أين مرّة عنكم |
|
وعنا التي شعبا تصير شعوبها |
وأين ابنها عنا وعنكم وبعلها |
|
خزيمة والأرحام وعثا (٤) جئوبها (٥) |
إذا نحن منكم لم ننل فضل أخوة (٦) |
|
على أخوة لم نخش غشا جئوبها |
يشوبون للأقصين (٧) معسول شيمة |
|
فأنى لنا بالصاب أنى مشوبها (٨) |
كلوا ما لديكم من سنام وغارب |
|
إذا غيّبت دودان عنكم غيوبها |
ستذكرنا منكم قلوب (٩) وأعين |
|
ذوارف لم يضنن بدمع سكوبها (١٠) |
فلو مات من نصح لقوم أخوهم |
|
لقد لقيتني بالمنايا شعوبها |
__________________
(١) يعني بني هاشم.
(٢) سير أعلام النبلاء ٥ / ٣٨٨.
(٣) من قصيدة في شعر الكميت (ط. بغداد) ص ١١٦.
(٤) أصل الوعثاء من الوعث وهو الدهس ، والوعث : الشديد ، والمشي يشتد على صاحبه.
(٥) جئوبها : قطوعها.
(٦) في شعر الكميت : حق أخوه.
(٧) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن شعر الكميت.
(٨) يقول : أنتم لغيرنا عسل ولنا صاب ، فأنى لنا أي كيف لنا بأن تشوبوا لنا مع الصاب عسلا ، وهما ضدان لا يجتمعان.
(٩) في شعر الكميت : نفوس وأعين.
(١٠) في شعر الكميت : غروبها.