بعمشاء من طول البكاء كأنها |
|
بها خزر أو طرفها متخازر (١) |
تمنّى المنى حتى إذا ملّت المنى |
|
جرى واكف من دمعها متبادر |
كما ارفضّ سلك (٢) بعد ما ضم ضمة |
|
بخيط الفتيل اللؤلؤ المتناثر |
قال : فرواه عنه رجل من أهل الشام ، ثم خرج ذلك الشامي يريد مكة ، فاجتار بأم عمرو وأختها ميلاء ، وقد ضلّ الطريق (٣) ، فذكر ـ لما نادت يا ميلاء ـ شعر كعب فتمثّل به ، فعرفت أم عمرو الشعر ، فقالت : يا عبد الله ، من أين أقبلت؟ قال : من الشام ، قالت : وممن سمعت هذا الشعر؟ قال : من رجل من أهل الشام ، قالت : أو تدري ما اسمه؟ قال : سمعت أنه كعب ، قالت : فأقسمنا عليك ألّا تبرح حتى يسمع إخوتنا قولك ، فنحسن إليك نحن وهم ، فقد أنعمت علينا ، فقال : أفعل ، وإنّي لأروي له شعرا آخر ، فما أدري أتعرفانه أم لا؟ فقالت : نسألك بالله إلّا أسمعتناه ، قال : وسمعته يقول :
خليلي قد رمت الأمور وقستها (٤) |
|
بنفسي وبالفتيان (٥) كل زمان |
ولم أخف شرا للصديق ولم أجد |
|
خليا ولا ذا البث يستويان |
من الناس إنسانان ديني عليهما |
|
مليئان لو شاءا لقد قضياني (٦) |
خليلي أما أم عمرو فمنهما |
|
وأما عن الأخرى فلا تسلاني |
بلينا بهجران ولم أر مثلنا |
|
من الناس إنسانين يهتجران |
أشد مصافاة وأبعد من قلى |
|
وأعصى لواش حين يكتنفان (٧) |
تحدث طرفانا بما في صدورنا |
|
إذا استعجمت بالمنطق الشفتان |
فو الله ما أدري أكل ذوي الهوى |
|
على ما بنا أو نحن مبتليان؟ |
فلا تعجبا مما بي اليوم من هوى |
|
فبي كل يوم مثل ما تريان |
خليلي عن أي الذي كان بيننا |
|
من الوصل أم ماضي الهوى تسلان؟ |
__________________
(١) تخازر الرجل : إذا نظر بمؤخر عينه ، أو إذا ضيق جفنه ليحدد النظر.
(٢) الأصل وم و «ز» ، وفي الأغاني : «عنها» بدل «سلك».
(٣) زيد في الأغاني هنا : فسلّم عليهما ثم سألهما عن الطريق ، فقالت أم عمرو : يا ميلاء صفي له الطريق.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الأغاني : خليلي قد قست الأمور ورمتها.
(٥) الأصل وم و «ز» : والفتيان ، والمثبت عن الأغاني.
(٦) بالأصل وم : قضيان ، والمثبت عن «ز» ، والأغاني.
(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الأغاني : يكتفيان.