وأجداده أن قيس بن ذريح لما فارق لبنى أنشد هذه الأبيات واشتهر بذكرها وهي :
ولو أنني أستطيع صبرا وسلوة |
|
تناسيت لبنى غير ما مضوا حقدا (١) |
ولكنّ قلبي قد تقسّمه الهوى |
|
شتاتا فما ألقى (٢) صبورا ولا جلدا |
سل الليل عنّي كيف أرعى نجومه |
|
وكيف أقاسي الهمّ مستخليا فردا |
كأنّ هبوب الريح من نحو أرضكم |
|
تثير (٣) فتات المسك والعنبر الندا |
قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنبأنا الحسن (٤) بن أبي بكر ، أنبأنا أبو الفضل عيسى بن موسى بن أبي محمّد بن المتوكل على الله ، أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني صالح بن محمّد بن درّاج ، أنبأنا أبو عمرو الشيباني قال :
خرج قيس بن ذريح إلى معاوية فأقام ببابه ثلاثا ، ثم وصل إليه فأنشده مديحا له ، فأدناه ، وحباه ، وكساه ، وأمر له بخمسة آلاف درهم ومائتي دينار ، وقال له : أقم فإنّي بالغ كلما تحب ، ففعل ، فقال له معاوية يوما : كيف وجدك بلبنى؟ قال : يا أمير المؤمنين أشدّ وجد ، قال : حدّثني حديثك وحديثها ، قال : إنه طويل ، قال : وإن ، فقصّ عليه القصة ، فأعجب معاوية بحديثه وقال : فإنّي مزوجك منها ، قال : يا أمير المؤمنين إنّ لها زوجا ، قال : نرضيه منها ، قال : ما لي في ذلك من حاجة ، قال : فما حاجتك؟ قال : تأذن لي في الإلمام بها ، وتكتب إلى عاملك كتابا ، فقد خشيت أن يفرّق الموت بيني وبين ذلك ، فقال له معاوية : وإنك اليوم على الوجد منها مقيم؟ قال : نعم ، قال : لقد قلت في ذلك قبل دخولي على أمير المؤمنين بيتين ، قال : هاتهما ، فأنشده (٥) :
لقد خفت أن لا تقنع النّفس بعدها |
|
بشيء من الدنيا وإن كان مقنعا |
وأزجر عنها النفس إذ حيل دونها |
|
فتأبى إليها النفس إلّا تطلّعا |
قال : فالتفت معاوية إلى رجل من كلب كان يجالسه فقال : هذا والله الحبّ ، ثم قال : أنشدني ، فأنشده :
__________________
(١) مكانها بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : مقطوع.
(٢) الأصل : «الفتى» والمثبت عن م ، و «ز».
(٣) كذا بالأصل وم : «تثير فتات» ومكان اللفظتين في «ز» : «ـ سهات».
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحسين.
(٥) البيتان في الأغاني ٩ / ١٩٦.