سيدي غانم ببني وراغ فسمع به الأحلاف فرقة منهم بأنه عنده شاة من الضان مسمّنة منذ ثلاث سنين ، فقدموا إليه لطغيانهم وأمروه بذبحها لهم فسالهم غيرها فأبوا لما أراد الله بهم الانتقام المكين. فذبحها لهم واحتسب وبش في وجوههم وانطرب ، ولما فرغوا من الأكل وأرادوا الانصراف ، أنشأ يقول : حاف حاف طاح الكاف على الأحلاف ، فلا ينجى منهم إلّا الأعمى والزحاف ، فذهبوا نحو كاف الوادي وناموا في ظلّه / من شدة الحرّ فسقط عليهم ذلك الكاف وماتوا ولم ينج (ص ٢٧) منهم إلّا من كان أعمى أو زحافا كما قال.
ثم ارتحل وجاء عند أبيه بمستغانيم فسكن بغربها بحشم داروغ إلى أن توفي أبوه سيدي يوسف الشريف فدفنه بالمطمر من مدينة مستغانيم (١). وفي
__________________
ـ الفرنسي قد أطلق عليها اسم واد أمبير وتقع على الطريق العام الذي يتجه إلى سيدي بلعباس ، البري ، والحديدي ، ولا تبعد عن قرية أولاد علي شمالا إلا ببضع كيلومترات كما لا تبعد كثيرا عن مدينة سيد بلعباس. ويوجد ضريح الشيخ معاشو في ربوة عالية بأعلى القرية قرب سفح الجبل في منطقة فلاحية هامة وخصبة ، وحسب مقدم ضريحه الحالي فإنه كان متزوجا من بنت الشيخ محمد بن عمر الهواري الوهراني ، فهو صهر ومعاصر له ، ومن أهل القرن التاسع الهجري (١٥ م) ولربما عاش إلى العاشر (١٦ م). مثل الشيخ غانم ، وحسب الشيخ عبد القادر الزبير أحد أحفاد الشيخ غانم فإن هناك صراعا وتنافسا بين أتباع الشيخ معاشو ، والشيخ غانم على النفوذ والسلطة الدينية ، والمركز العلمي. وقد زرت ضريح الشيخ معاشو صباح السبت ٢٧ ذو الحجة ١٤٠٧ ه (٢٢ أوت ١٩٩٧ م) للتعرف على المكان والتثبت من بعض المعلومات ولكن لا أحد يعرف شيئا حتى مقدم الضريح الذي هو أمي كذلك. ومن غرائب ما لا حظناه قيام الناس بإحاطة قبور موتاهم بشبابيك حديدية ، مما يصعب معها زيارة أي قبر ، يضاف إلى هذا التبذير في الحديد المطلوب لصناعات أخرى ، وفي الأحوال التي يتم بها صنع تلك الشبابيك الحديدية.
ورغم أن الشيخ معاشو هذا كان عالما إلّا أنه لا يتم تعليم الأطفال حتى القرآن الكريم في زاويته ، وهو ما لاحظناه كذلك في زاوية الشيخ غانم ، والشيخ بختي ، والشيخ ابن يبقى ، والشيخ المسعود ، وغيرهم من العلماء الذين زرنا مدافنهم وأماكن استقرارهم ومثواهم.
(١) المطمر حي من أحياء مدينة مستغانم. وهناك قرية المطمر التي تقع بين مستغانم ـ