غارات الإسبان على أحواز وهران
وكان طاغية النصارى بوهران اسمه دك ، ولما استقل قدمه بها صار يشن الغارات على المسلمين إلى أن دخل في طاعته كرشتل ، وبنو زيّان ، والونازرة ، وقيزة ، وغمرة ، وحميان ، وشافع ، وأولاد عبد الله ، وأولاد علي ، وغيرهم من بني عامر ولم يخرج عن طاعتهم من المجاورين لهم بوهران إلّا مخيس والرّفافة المستقرين بين البحر وجبل هيدور مع جبل قيزة. وصار الداخلون في طاعته شيعته الذين ينصرونه ويعتمد عليهم في جلب الأخبار والمسير بهم في الطرق في الليل والنهار. واتخذ منهم الجواسيس الذين يقال لهم المغاطيس ، فقويت شوكته ، واشتدت قوته وتعددت غزواته على الأقربين والأبعدين والأنزلين والأصعدين وخلا له الجوّ إلى أن صارت ملاتة وسيرات من جملة بلاده التي تحت يده وشداده ، يتردد بها في ليله ونهاره. ولا منازع له فيها باضطراره واختياره وتكرّرت غزواته على هبرة والحرب بينه وبينهم سجال ، إلى أن تلاشوا وحل بهم الاضمحلال ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ، وإلى هذا أشار الحافظ أبو راس في سينيته بقوله :
وعاث دك ببطحتيها مجتلبا |
|
على الإيمان فلم يبل بمفترس |
ورجّ أرجاءها لما أحاط بها |
|
فأبدلت شمّ أعلامها بالفطس |
(ص ١٥١) / وشحنت بخنزيرهم وصلبانهم |
|
مواضع الإيمان بها ذو توس |
كم توليت بها من آية محكمة |
|
فبعد طهرها قد ملئت بالنجس |
كأنها ما حوت شمسا ولا قمرا |
|
لم يدر في الناس والعالي من النّدس |
خلا له الجوّ فامتدت يداه إلى |
|
إدراك ما لم تنل رجلاه مختلس |
عمّرها بعدنا بخبث مالقة |
|
شناضيض كاليعافرة والتيس |
وسار سيرته فينا من أعقبه |
|
وكلهم مقتف آرغون وإفرانس |
فغزوا هبرة بموضع يقال له يعلوا من جبال سيرات وذلك أن هبرة كانوا نازلين بيعلوا فغزاهم دك بها وتقاتلوا شديدا قتل من الطلابة (كذا) ثلاثون ومقبرتهم بها تسمّى للآن بمقبرة الطلبة بالطريق لأنها اندرست ومن هبرة تسعون شجاعا وانجرح أربعون. ومن إسبنيول ثلاثمائة وانجرح ثلاثون وتركوا ثقالهم وفرّوا هاربين وارتكب هبرة ظهورهم إلى حجار الروم بالجانب البحري من وادي