فغلبوا بني مرين وواعدوهم بالمناجزة صبيحة يومهم ليتحيزوا إليهم براياتهم وصبحوا معسكر السلطان فركب إليهم التعبئة فاختلّ مصافه وتحيّز إليهم الكثير من جيشه فكانت الدائرة عليه ونكب نكبة عظيمة ونجا إلى القيروان فدخلها في الفلّ من عساكره وتدافعت ساقات العرب في إثره وتسابقوا إلى محلّته فنهبوها ودخلوا فساطيطه واستولوا على ذخائره والكثير من حريمه وأحاطوا بالقيروان ودارت حللهم بها وتعاوت ذيابهم بأطراف البقاع وأجلب ناعق الفتنة من كل مكان ولم ينج إلّا في أرذل حالة وذهب ليلا إلى سوسة على تعبئة فركب منها في الأسطل (كذا) إلى تونس وحل بها فشرع في إصلاح ما ثلم منها.
عودة وهران لدولة بني زيان
(ص ١١٩) ثم / رجع ملك وهران للدولة الخامسة وهي دولة بني زيان فملكها بعد أن استولى على تلمسان أبو سعيد بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن الزياني فأحيا (كذا) الدولة الزيانية بعد العفاء وأظهرها بعد طول الخفاء وهو سادس الملوك الزيانية ، وعاشر القاسمية ، بويع له في ربيع الأول سنة تسع وأربعين من الثامن (١) بأرض إفريقية وجاء مغربا ومعه تجين ومغراوة وبنوا عبد الواد ولما حلّ بشلف فارقته تجين ومغراوة بعد التحالف على المناصرة عند الحاجة وتمادى بنوا عبد الوادي بسلطانهم لتلمسان. وكان أبو عنان المريني أقام بها عثمان بن جرار أحد بني طاع الله فبعث لهم ابن جرار أخاه في جيش للمحاربة فكان مصاف القتال بسكّاك فقتل ابن جرار وأخذ ما معه إلّا اليسير وجاء أبو سعيد لتلمسان فسأل عاملها ابن جرّار الأمان فأمن ودخلها أبو سعيد في جمادى الثانية تلك السنة (٢) ، فبرز في سماء الخلافة وشارك أخاه أبا ثابت في المملكة فكانت السكة والخطبة لأبي سعيد ، وأمر الحرب واستتباع الجيوش لأبي ثابت ، واختار أخوهما الأكبر أبو يعقوب سكنى ندرومة منقطعا للعبادة ، وتركا أبا الحسن المريني بالمشرق فمهدا البلاد ودوّخا العباد. فبينما هما كذلك إذ أتاهما الخبر أن أبا الحسن نزل بالجزائر ومعه وزمار بن عريف السويدي الهلالي على ما
__________________
(١) الموافق ماي حوان ١٣٤٨ م.
(٢) الموافق أوت سبتمبر ١٣٤٨ م.