والثاني : وفرة المعادن التي كانت فيها ، وأخصّها الذّهب ، فقد كانت هذه المعادن في أواسط عهد الألف سنة قبل المسيح معروفة عند العبرانيين والفينقيين والآشوريين. وقد كان سليمان بن داود عليهماالسلام أرسل بعثة على حسابه إلى البحر الأحمر ، وعادت بغنائم تدهش العقل.
وذكر سترابون (جغرافي يوناني مات في زمان طيباريوس قيصر) وديودور (مؤرخ يوناني يقال له ديودور الصقلي صاحب تاريخ عظيم ، وكان معاصرا لأغسطس قيصر) أنهرا في بلاد العرب كان فيها التبر.
وقد كانت جزيرة العرب قبل الإسلام وقبل دخولها في الفتوحات النائية ذات ثروة عظيمة بالزراعة والمعادن ، وكانت مكة أشبه بمركز حكومة جمهورية ذي مراكز تجارية عظيمة ، ذات علاقات مع الآفاق (١) ، وكان الأخذ والعطاء جاريين بقوة بينها وبين سائر البلدان ، وكانت فيها صناعة الحلي بالغة درجة الإتقان ، ولا يزال صاغة مكة ، وصنعاء اليمن ، وعنيزة نجد ، إلى يومنا هذا مشهورين بإتقان الصنعة.
أماكن معدن الذهب في جزيرة العرب
فأما الأقاليم التي فيها معادن الذهب من جزيرة العرب ، فمنها الأقاليم الغربية ، والذهب يوجد فيها بأسناد الجبال الواقعة بين الداخل والساحل ، أي أسناد الجبال المتدلية إلى التهائم.
وكذلك توجد معادن ذهب في أواسط الجزيرة ، في الأماكن المجهولة الضاربة إلى الجنوب والشرق ، وهذه الجوانب الجبلية متكونة من حجر الغرانيت ، مع كثير من الرخام السّماقي ، وهذه الحرّات التي
__________________
(١) [انظر فكتور سحاب : «إيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف» طبع المركز الثقافي العربي في بيروت].