ما في الحجاز وجزيرة العرب من كنوز المعادن
ويوجد عدا الزراعة منبع عظيم للرزق في الحجاز بل في كل جزيرة العرب هو المعادن (١) ، فإنّ غنى الجزيرة بالمعادن موصوف معروف عند جميع الأمم من قديم الدهر ، حتى إنّ المؤرخين أجمعوا على أنّ حضارة هذه الجزيرة الباهرة في الحقب القديمة إنما قامت بأمرين :
أحدهما : نقل متاجر الهند والشرق الأقصى إلى الغرب ، بموقع العرب بين الاثنين.
والثاني : ثروة المعادن التي تكنّها أرض الجزيرة.
فينبغي الآن وقد مضى وقت الفتوحات ، وصرنا لا نطمح إلا إلى حفظ الموجود بيدنا ، أن نأرز إلى الجزيرة ، التي هي مهد العرب المنتشرين في أقطار المعمور جميعا ، ونجعلها الكهف المانع ، والأصل الجامع ، ونستخرج كلّ ما فيها من عيون الحياة الكامنة ، حتى تصون نفسها ، وتنجد أخواتها التي انبسطت عليهنّ أيدي الاستيلاء الأجنبي ، وأصبحن لا يملكن لأنفسهن أمرا ، فتزحزح عنهنّ هذا الرق الذي يرسفن في قيوده ، وتتم بذلك الجامعة العربية ، التي هي نكتة المحيا ، ونشيدة آمالنا في هذه الدنيا ، ويجب أن لا ننسى أنّ هذا الأمر لا يصلح آخره إلا
__________________
(١) [يستعمل المؤلف هذه الكلمة مرة بمعنى الفلزات الموجودة في باطن الأرض ومرة بمعنى المناجم].