في الجنوب ، والتي تمتدّ إلى مكة وإلى غربيها ـ لا شك أنّها تولّدت تحت تأثير التحولات الجيولوجية ، التي أدّت إلى هذه القفار المحرقة ، وهذه اليبوسة في الجزيرة ، وإنّ شكل الغرانيت الصّواني هذا يظهر في وسط البلاد ، وتمتد آثاره إلى جهة الشرق أي في جبال نجد ، وأطرافه الجنوبية تظهر في شماليّ اليمن إلى أن تحاذي صنعاء من الشمال.
وأما الجنوب الغربي من الجزيرة والجنوب كلّه فتشكلاتهما الجيولوجية مختلفة عن الأولى ، والذهب إنما يوجد في الجهات التي فيها الصوان أو الغرانيت وهي ما يأتي :
أولا : في الشمال الغربي من الجزيرة بأرض مدين القديمة.
ثانيا : في أرض الحجاز الضاربة إلى الجنوب.
ثالثا : في الشرق من الجزيرة نحو نجد.
رابعا : في الجنوب الشرقي إلى جهة اليمن.
خامسا : في الجنوب المحض بأرض عسير إلى الشمال من اليمن.
فمدين هي البلاد الواقعة بين البحر الأحمر وقمم الجبال المحاذية للبحر الممتدة من نحو العقبة في الشمال إلى وادي الحمض في الجنوب ، وهي اليوم تابعة للحجاز وهناك مراكز على ساحل البحر منها : ظبا والمويلح ، والوجه.
وفي بلاد مدين معادن مفتوحة من قديم الدهر ، وآثار الشغل في المعدن واضحة جدا.
ومعدن مدين هو المعدن الوحيد الذي توصّل الأوربيون إلى معرفته جيدا من معادن جزيرة العرب ، فإنّ الكابتن برتون (Burton) الرحالة الإنكليزي كان قد ذهب على رأس بعثة أولى وثانية سنة (١٨٧٧) من قبل إسماعيل باشا خديوي مصر ـ الذي كانت مدين إذ ذاك تحت إدارته ولكن لم يستصحبوا معهم في تلك البعثات علماء متخصصين في فن