من يتفقّد يفقد ، ومن لم يعدّ الصبر لفواجع (١) الأمور.
وقال : إن قارضت الناس قارضوك ، وإن تركتهم لم يتركوك ، وإن هربت منهم أدركوك ، قال الرجل : كيف أصنع؟ قال : اقرض من عرضك ليوم فقرك.
يرويه أبو أسامة عن مسعر عن عون.
قوله : من يتفقد يفقد : يقول : من يتأمل أحوال الناس وأخلاقهم يتعرّفها. يفقد : أي يعدم أن يجد فيهم أحدا يرتضيه ، وإن كانت الرواية : من يتفقد يفقد ، فإنه يريد من يتفقد أمور الناس يفقد ، أي ينقطع عنهم وعن ملابستهم ، فلا يجد (٢).
وقوله : إن قارضت الناس قارضوك ، يريد : إن طعنت عليهم ، ونلت منهم بلسانك فعلوا مثل ذلك ، وإن تركتهم لم يتركوك ، وقد ذكر هذا الحرف أبو عبيدة.
أما قوله للرجل : اقرض من عرضك ليوم فقرك : فإنه أراد من شتمك منهم فلا تشتمه ، ومن ذكرك بسوء فلا تذكره ، ودع ذلك قرضا لك عليه ليوم الجزاء والقصاص ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «وضع الله الحرج إلّا من اقترض من عرض أخيه شيئا ، فذلك الذي حرج وهلك» [١٠١٨٨]. أراد أن قد وضع الله عنكم الضيق في الدّين ، وفسح (٣) لكم ولا حرج إلّا فيما تنالون من أعراض المسلمين».
وقد تقدم ذكر العرض في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم وبيّنت ما هو.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب ، أنا عبد الكريم بن الحسن بن رزمة ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أحمد بن محمّد بن جعفر الجوزي (٤) ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا قال : حدّثت عن أحمد بن عمرو بن السراج ، أنا وهب ، أنا عمرو بن الحارث : أن أباه حدّثه عن عبد الرّحمن بن جبير أن أبا الدرداء قال لرجل :
هب عرضك لله عزوجل ، فمن سبّك ، أو شتمك ، أو قاتلك فدعه لله ، وإذا أسأت فاستغفر الله.
__________________
(١) الأصل : ليراجع ، تصحيف ، وفي م بدون إعجام : «العواحع» والمثبت عن المختصر.
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : فلا يوجد معهم.
(٣) الأصل : ونسخ ، تصحيف ، والمثبت عن م.
(٤) الأصل : الجزري ، والمثبت عن م ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٩٧.