أهل الأموال يأكلون ونأكل ، ويشربون ونشرب ، ويلبسون ونلبس ، ويركبون ونركب ، ولهم فضول أموال ينظرون إليها [وننظر إليها](١) معهم ، عليهم حسابها ونحن منها برآء.
أخبرنا أبو بكر المؤدب ، أنا أبو عمرو العبدي ، أنا أبو محمّد ، أنا أبو الحسن ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني يعقوب بن عبيد ، نا يزيد بن هارون ، أنا إسماعيل بن عيّاش ، عن صفوان بن عمرو ، عن أبي اليمان ، عن أبي الدّرداء قال :
الحمد لله الذي جعل الأغنياء يتمنون أنهم مثلنا عند الموت ، ولا نتمنى أننا (٢) مثلهم عند الموت ، ما أنصفنا إخواننا الأغنياء يحبوننا على الدّين ويعادوننا على الدنيا (٣).
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٤) ، نا صفوان بن عمرو قال : سمعت عبد الرّحمن بن جبير يقول : قال أبو الدّرداء :
ما أنصفنا إخواننا الأغنياء ، يحبونا في الله ويفارقونا في الدنيا ، إذا لقيته قال : أحبك يا أبا الدّرداء ، فإذا احتجت إليه في شيء امتنع مني.
وكان أبو الدّرداء يقول : الحمد لله الذي جعل مفرّ الأغنياء إلينا عند الموت ، ولا نحب أن نفرّ إليهم عند الموت ؛ إن أحدهم ليقول : يا ليتني صعلوك من صعاليك المهاجرين.
قال ابن صاعد : يعني بالصعلوك الفقير.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن سعيد ، نا العباس بن حمزة ، نا أحمد بن حرب ، نا حمّاد بن سليمان ، عن صالح المرّي ، عن جعفر بن زيد.
عن أبي الدّرداء أنه كان يقوم على أبواب المدائن الخربة يقول : يا مدينة ، أين أهلك؟ أين سكّانك؟ أين أين ، ثم لا يخرج حتى يبكي ويبكي.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو بكر بن إسماعيل ، وأبو
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم ، وأضيف عن الزهد.
(٢) الأصل وم : أنا.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥١.
(٤) رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق ص ٢٣١ ـ ٢٣٢ رقم ٦٦١.