شديدا ، وأمّل بعيدا ، وجمع كثيرا ، فأصبح جمعهم بورا ، وبناؤهم قبورا ، وأملهم غرورا.
أخبرنا أبو سعد البغدادي ، وأبو غالب محمّد بن الحسن الماوردي ، قالا : أنا محمود بن جعفر بن محمّد الكوسج ، أنا عمّ أبي أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر المعدل المعروف بالكوسج ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن السيدي بن علي بن بهرام ، نا أبو عبد الله محمّد بن زياد بن عبيد الله الزيادي ، نا الفضيل بن عياض ، عن منصور ، عن سالم قال : قال أبو الدّرداء :
ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وأرى جهالكم لا يتعلّمون ، تعلّموا فإنّ العالم والمتعلّم في الأجر سواء (١) ، ولا خير في سائر الناس ، ما لي أراكم تحرصون على ما كفل لكم به ، وتباطئون عما أمرتم به.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس المحبوبي ، نا سعيد بن مسعود ، نا النّضر بن شميل ، أنا شعبة ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : قال أبو الدّرداء :
ما لي أرى علماءكم يذهبون ، وأرى جهّالكم لا يتعلّمون ، ما لي أراكم تحرصون على الدنيا ، قد تكفّل لكم وتدعون ما أمرتم به ، تعلّموا قبل أن يرفع العلم ، ورفع العلم ذهاب العلماء ، فأنا أعلم بشراركم من البيطار بالفرس ، هم الذين لا يأتون الصلاة إلّا دبرا ولا يقرءون القرآن إلّا هجرا ، ولا يعتق محررهم.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٢) ، أنا أيضا يعني عبد الله بن الوليد بن عبد الله بن معقل بن مقرن (٣) ، قال : سمعت عونا يقول :
قام أبو الدّرداء على درج مسجد دمشق ، فقال : يا أهل دمشق ، ألا تسمعون من أخ لكم ناصح ، إنّ من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ، ويأملون بعيدا ، فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا ، وأملهم غرورا (٤).
__________________
(١) إلى هنا رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٤٧.
(٢) رواه ابن المبارك في كتاب الزهد والرقائق ص ٢٩١ رقم ٨٤٧.
(٣) لفظتا «بن مقرن» ليستا في الزهد.
(٤) في الزهد : وعملهم غرورا.