ولاستيعاب حالة التململ العربية ، عمدت بريطانيا إلى طرح فكرة الجامعة العربية. والتقطت الحكومة المصرية الفكرة ، وأجرت اتصالات ومشاورات ، انتهت إلى وضع بروتوكول الإسكندرية ، الذي وقعته حكومات مصر والعراق والسعودية ولبنان وشرق الأردن في ٧ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٤٤ م. ثم وضع ميثاق جامعة الدول العربية ، الذي وقع في ١٢ آذار / مارس ١٩٤٥ م. ولم تكن فلسطين عضوا في الجامعة العربية ، لكنها لم تغب عنها كقضية ، إذ ورد في بروتوكول الإسكندرية : «ترى اللجنة أن فلسطين ركن مهم من أركان البلاد العربية ، وأن حقوق العرب لا يمكن أن تمسّ من غير إضرار بالسلم والاستقرار بالعالم العربي ، كما ترى اللجنة أن التعهدات التي ارتبطت فيها الدولة البريطانية ، والتي تقضي بوقف الهجرة اليهودية والمحافظة على الأراضي العربية ، والوصول إلى استقلال فلسطين ، هي من حقوق العرب الثابتة ، والتي تكون المبادرة إلى تنفيذها خطوة نحو الهدف المطلوب في استتباب السلم وتحقيق الاستقرار.»
وفي ميثاق جامعة الدول العربية ، عولجت قضية فلسطين في ملحق خاص ، جاء فيه : «ترى الدول الموقعة على ميثاق الجامعة العربية أنه نظرا إلى ظروف فلسطين الخاصة ، وإلى أن يتمتع هذا القطر بممارسة استقلاله فعلا ، يتولى مجلس الجامعة أمر اختيار مندوب عربي من فلسطين للاشتراك في أعماله.» ويتضح من هذا الملحق التهرب من مواجهة الواقع المتشكل في فلسطين ، إذ تحاشى اتخاذ موقف صريح من المشروع الصهيوني ، واكتفى بالنيابة عن الشعب الفلسطيني في توكيل مجلس الجامعة بتعيين مندوب عن ذلك الشعب لدى الجامعة ، فاختير موسى العلمي ، بموافقة الأحزاب الفلسطينية. لقد وضع ميثاق الجامعة العربية قضية فلسطين في إطارها القومي الصحيح ، بجعلها قضية عربية ، ولكن في ملحق خاص ، كمؤشر إلى تدني أهميتها في سلم أولويات الدول التي تقاطعت مصالحها على تشكيل تلك الجامعة في حينه. وقد ظلت قضية فلسطين على جدول أعمال الجامعة العربية منذ تأسيسها ، ولكن من دون إجماع على معالجتها بصورة تتوازى مع إلحاحيتها. وأصبحت الجامعة هي الناطق باسم القضية الفلسطينية ، من دون امتلاك أداة ذاتية لتنفيذ القرارات بشأنها ، وترك الأمر للدول العربية ، التي كانت مشغولة بقضاياها الخاصة بعد الحرب.
وفي ٨ أيار / مايو ١٩٤٥ م ، وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها باستسلام ألمانيا من دون شروط ، ولم يكن مرّ على هاري ترومان أكثر من شهر في البيت الأبيض ، كرئيس للولايات المتحدة. وفي ٢٢ أيار / مايو ١٩٤٥ م ، تقدمت الوكالة اليهودية بطلب إلى الحكومة البريطانية للموافقة على برنامج بلتمور ، وإصدار بيان