بلفور ، ودخول العمل الصهيوني مرحلة جديدة. وقد تضمن قرار إنشاء الصندوق ضرورة فرض «الضريبة الذاتية الصهيونية» ، التي تلزم كل يهودي ، بغض النظر عن موقفه من الصهيونية ، أن يدفع «عشر» ما يملكه أو يكسبه إلى صندوق الأمة ، الذي يقوم بتوظيف التبرعات والمساهمات المالية المتعددة ، واستثمارها في مشروعات إنتاجية ، لا تستهدف الربح في المقام الأول. وقد جاء في بيان الصندوق التأسيسي الموجه إلى يهود العالم ، ما يلي :
إن الانتداب على فلسطين ، وهو تعهد وتحد للشعب اليهودي في آن واحد ،
أوشك أن يصبح جزءا من قانون الأمم (يعني ميثاق عصبة الأمم). وها قد حانت لحظة تركيز الجهد اليهودي على بناء صرح الوطن القومي اليهودي ...
إن غرض كيرن هيسود هو توطين اليهود في فلسطين وفقا لخطة رائعة التنظيم ،
وبأعداد تتزايد باستمرار ، وتمكين عمليات الهجرة من البدء دون تأخير ..
إذ لم تعد أبواب فلسطين مغلقة من الداخل ، والمفتاح بيد الشعب اليهودي. (١)
وقد سجل الصندوق التأسيسي سنة ١٩٢١ م كشركة بريطانية في لندن ، وفي سنة ١٩٢٦ م نقل مقرّه إلى القدس. وتعاون بصورة وثيقة مع الصندوق القومي اليهودي ، وأصبح بعد قيام الوكالة اليهودية الموسعة (١٩٢٩ م) الإدارة المالية الرئيسية لها ، والمصدر الأكبر لتمويلها. وفي قرار إنشائه ، خصّص ٢٠% من واردات الصندوق التأسيسي إلى الصندوق القومي اليهودي ، كما تقرر صرف ثلث ما تبقى من أمواله على أعمال الهجرة والتعليم والخدمات الاجتماعية ، بينما يخصص الثلثان المتبقيان لإنشاء المؤسسات العامة والمشاريع الاقتصادية. والواضح أن هذا الصندوق جاء ليدعم الصهيونية العملية ، التي انتهجت سياسة التغلغل الاقتصادي والاستيلاء على فلسطين ، عبر بسط السيطرة اليهودية على مقدراتها ومرافقها الاقتصادية. وفي الواقع ، فقد قام بتمويل جميع نشاطات الوكالة اليهودية في فلسطين ، في حقول الاستيطان والهجرة والاستيعاب والتعليم والأمن وشراء الأسلحة والهجرة غير الشرعية.
وفضلا عن الأموال التي حوّلها إلى الصندوق القومي اليهودي ، أي ٢٠% من
__________________
(٢٢) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٧٨.