إلى الجعفري وكان قد ابتدأ في عمارته سنة ٢٤٥ وأنفق عليه أموالا تجلّ عن الحصر ، ويقال لمكانه ما حوزة.
وقال الحموي في المعجم عند ذكر سامرّاء : وكان المعتصم والواثق والمتوكّل إذا بنى أحدهم قصرا أو غيره أمروا الشعراء أن يعملوا فيه شعرا ، فمن ذلك قول علي ابن الجهم (١) في الجعفري الذي للمتوكّل :
وما زلت أسمع أنّ الملو |
|
ك تبني على قدر أقدارها |
وأعلم أنّ عقول الرجا |
|
ل تقضي عليها بآثارها |
__________________
(١) علي بن الجهم بن بدر بن الجهم بن الشامي من بني شامة ابن لؤي ، وضبطه ابن خلّكان السامي بالسين المهملة ، وهذه النسبة إلى سامة بن لؤي. سكن سامرّاء وكان من مشاهير الشعراء ، ونبغ في القرن الثالث وطار صيته في الآفاق ، وله اختصاص بجعفر المتوكّل ، فقرّبه وأكرمه ولكنّه كرهه لما ينقل عنه أنّه كان كثير السعاية بالناس ، فأمر المتوكّل بحبسه ثمّ نفاه بعد سنة ، وكان مع انحرافه عن عليّ بن أبي طالب وإظهار التسنّن مطبوعا مقتدرا على الشعر ، عذب الألفاظ ، فلمّا نفاه المتوكّل إلى خراسان كتب إلى طاهر ابن عبد الله بن الطاهر بن الحسين أنّه إذا ورد عليه صلبه يوما ، فوصل إلى نيسابور فحبسه طاهر ثمّ أخرجه فصلبه مجرّدا نهارا كاملا ، ثمّ رجع إلى العراق ثمّ خرج إلى الشام وبعد ذلك ورد على المستعين كتاب من صاحب البريد بحلب أنّ عليّ بن الجهم خرج من حلب متوجّها إلى العراق فخرج عليه وعلى جماعة معه خيل من بني كلب فقاتلهم قتالا شديدا ولحقه الناس وهو جريح بآخر رمق ، فتوفّي في وقته في شعبان سنة ٢٤٩ ، ومن شعره بعد خلاصه من السجن :
قالوا حبست فقلت ليس |
|
بضائري |
حبسي وأيّ مهنّد لا يغمد |
|
أو ما رأيت الليث يألف غيلة |
كبرا وأوباش السباع تردّد |
|
والشمس لو لا أنّها محجوبة |
عن ناظريك لما أضاء الفرقد |
|
والبدر يدركه السرار فتنجلي |
أيّامه وكأنّه متجدّد |
ريحانة الأدب
فلمّا هجاه مروان بن أبي حفصة وكان بينهما عداوة شديدة قال في جوابه :
بلاء ليس يعد له بلاء |
|
عدوة غير ذي حسب ودين |
يبيحك منه عرضا لم يصنه |
|
ويرتع منك في عرض مصون |
وسيأتي في ترجمة المتوكّل هجوه.