أميرا لكلّ بلد يدخلها وخلع عليه وركب جميع القوّاد معه وخرج معه من الشاكريّة والقوّاد والغلمان سوى غلمانه وحشمه ، فلمّا انصرف من مكّة راجعا إلى العراق وجّه المتوكّل إليه سعيد ابن صالح الحاجب مع كسوة وألطاف وأمره أن يلقاه بالكوفة ويقول له : إنّ أمير المؤمنين أمرك أن تدخل بغداد وأن يلقاك بنو هاشم ووجوه الناس وأن تقعد لهم في دار خزيمة بن حازم فتأمر لهم بجوائز.
فلمّا فعل أتياخ بكلّ ما قيل له ودخل دار خزيمة بن حازم أغلق الباب خلفه فأدخل ناحية منها ثمّ قيّد فأثقل بالحديد في عنقه ورجليه فحبس ببغداد مع ولده وكتّابه فبقي في الحبس حتّى مات عطشا وبقي ابناه منصور ومظفّر في الحبس حتّى قتل المتوكّل ، فلمّا أفضى الأمر إلى المنتصر أخرجهما وأمر بإطلاقهما.
سبب كرب المتوكّل قبر الحسين عليهالسلام
ذكر أبو الفرج في مقاتل الطالبيين أنّ بعض القينات كانت تبعث جواريها إلى المتوكّل قبل خلافته يغنّين له إذا شرب ، فلمّا صار خليفة بعث إلى تلك القينة فعرف أنّها غائبة وكانت قد زارت قبر الحسين عليهالسلام ، وبلغها خبره ، فأسرعت الرجوع وبعثت إليه جارية من جواريها كان المتوكّل يألفها ، فقال لها : أين كنتم؟ قالت : خرجت مولاتي إلى الحجّ وأخرجتنا معها وكان ذلك في شعبان. فقال : إلى أين حججتم في شعبان؟ قالت : إلى قبر الحسين عليهالسلام. فاستثار غضبا وأتى بمولاتها فحبست واستعفى أملاكها.
وبعث الديزج إلى قبر الحسين وأمره بكربه ومحوه وإخراب كلّ ما حوله ، فمضى لذلك وخرّب ما حوله وهدم البناء وكرب ما حوله نحو مائتي جريب ، فلمّا بلغ إلى قبره لم يتقدّم إليه أحد فأحضر قوما من اليهود فكربوه وأجرى حوله الماء ووكّل