نبذة من نوادر المتوكّل
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء : إنّ عليّ بن الجهم دخل على المتوكّل وبيده درّتان يقلّبهما ، فأنشده قصيدة ، فرماه إليه بدرّة ، فكان عليّ بن الجهم يقلّبها ، فقال له المتوكّل : تقصر بها؟! والله هي خير من مائة ألف. فقال : لا ، ولكنّي فكّرت في أبيات أعملها آخذ بها الأخرى ، فقال : قل ، فقال :
بسرّ من رأى إمام عدل |
|
تغرق من بحره البحار |
الملك فيه وفي بيته |
|
ما اختلف الليل والنهار |
يرجى ويخشى لكلّ خطب |
|
كأنّه جنّة ونار |
يداه في الجود ضرّتان |
|
عليه كلتاهما تغار |
لم تأت منه اليمين شيئا |
|
إلّا أتت مثلها يسار |
فرمى إليه المتوكّل بالدرّة الأخرى.
ذكر ابن عبد ربّه في الجزء الثالث من العقد الفريد عن الحسين بن الضحّاك قال : دخلت على جعفر المتوكّل وشفيع الخادم ينضّد وردا بين يديه ولم يعرف في ذلك الزمان خادم كان أحسن منه ولا أجمل ، وعليه ثياب مورده ، فأمره أن يسقيني ويغمز كفّي ، ثمّ قال لي : يا حسين ، قل في شفيع ، وقد كان حيّا المتوكّل بوردة ، فجعل المتوكّل يشرب ويشمّ الوردة ، فقلت :
فيا درّة البيضاء حيّا بأحمر |
|
من الورد يمشي في قراطف كالورد |
ويغمز كفّي عند كلّ تحيّة |
|
وكفّيه تستدعي الشجى إلى الورد |
سقاني بكفّيه وعينيه شربة |
|
فأذكر في ما قد نسيت من العهد |
سقى الله دهرا لم أبت فيه ليلة |
|
من الدهر إلّا من حبيب على عهد |
فأمر المتوكّل شفيعا أن يسقيني وبعث معه إليّ أتحافا في عنبر سماّها.