ملأت جوانبها السماء وعانقت |
|
شرفاتها قطع السحاب الممطر |
أزرى على همم الملوك وغضّ عن |
|
بنيان كسرى في الزمان وقيصر |
عال على لحظ العيون كأنّما |
|
ينظرن منه إلى بياض المشتري |
وشير دجلة تحته وفضاؤه |
|
من لجّة غمر وروض أخضر |
شجر تلاعبه الرياح فتنثني |
|
أعطافه في سائح متفجّر |
أعطيته محض الهوى وخصصته |
|
بصفاء ودّ منك غير مكدّر |
قال ابن خلّكان في وفيات الأعيان في ترجمة أبي العيناء محمّد بن القاسم بن الخلّاد الأهوازي البصري (١) : إنّه دخل على المتوكّل في قصره المعروف بالجعفري
__________________
(١) أبو العيناء هو محمّد بن خلّاد الأهوازي البصري من تلامذة أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري ، كان من أوحد عصره في الشعر ، ولد سنة تسعين ومائة وتوفّي بالبصرة سنة ٢٨٣ لعشر ليال خلون من جمادى الأولى. دخل سامرّاء وتشرّف بخدمة مولانا أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام كما رواه الكليني في باب مولد أبي محمّد عن إسحاق بن محمّد النخعي قال : قال أبو العيناء : كنت أدخل على أبي محمّد فأعطش وأنا عنده فأجلّه أن أدعو بالماء ، فيقول عليهالسلام : يا غلام ، اسقه ، وربّما حدّثت نفسي بالنهوض فأفكّر في ذلك فيقول عليهالسلام : يا غلام ، دابّته.
قال في الكنى والألقاب : وفيه دلالة على كونه إماميّا حسن الاعتقاد.
وقال المسعودي في مروج الذهب : في سنة ٢٨٠ انحدر أبو العيناء من مدينة السلام إلى البصرة في زورق فيه ثمانون نفسا فغرق الزورق ولم يخلص ممّن كان فيه إلّا أبو العيناء ، وكان ضريرا ، فتعلّق بطلال الزورق فأخرج سالما ، فتلف كلّ من كان فيه ، فبعد أن سلم ودخل البصرة مات.
وذكره ابن خلّكان وقال : كان أبو العيناء من الظرفاء والأذكياء ، وكان حاضر الجواب ، يجيب أكثر المطالب بالقرآن المجيد ، ويسستشهد به كثيرا ، وإنّه عمي في حدود أربعين من عمره ، فسئل عنه : ما ضرّك العمى؟ فقال : شيئان : أحدهما إنّه فات منّي السبق بالسلام ، والثاني : إنّه ربّما ناظرت الرجل وهو يعبس ويظهر الكراهيّة وأنا لا أراه حتّى أقطع الكلام.
قال ابن خلّكان : دخل يوما على المتوكّل فقال له : كيف شربك للخمر؟ فقال : أعجز عن قليله وأفتضح عند كثيره. فقال له : دع هذا عنك ونادمنا. فقال : أنا رجل مكفوف وكلّ من في مجلسك يخدمك وأنا محتاج أن أخدم ولست آمن من أن تنظر إليّ بعين راض وقلبك عليّ غضبان أو بعين غضبان وقلبك ـ