وكأنّما تلك الشوارع بعد ما |
|
أخلت أياد من البلاد وجرهم |
كانت معادا للعيون فأصبحت |
|
عظة ومعتبرا لمن يتوسّم |
وكأنّ مسجدها المشيد بناؤه |
|
ربع أحال ومنزل مترسّم |
وإذا مررت بسوقها لم تثن عن |
|
سنن الطريق ولم تجد من يرحم |
وترى الذراري والنساء كأنّهم |
|
خلف أقام وغاب عنه القيّم |
فارحل إلى الأرض التي ينحلّها |
|
خير البريّة إنّ ذاك لأحزم |
وانزل مجاورة بأكرم منزل |
|
وتيمّم الجهة التي يتيمّم |
أرض تسالم صيفها وشتاؤها |
|
فالجسم بينهما يصحّ ويسلم |
وصفت مشاربها ورقّ هواؤها |
|
والتذّ برد نسيمها المتنسّم |
سهليّة جبليّة لا تحتوي |
|
حرّا ولا قرّا ولا تستوخم |
وللشعراء في ذكر الجعفري أشعار كثيرة ، ومن أحسن ما قيل فيه قول البحتري (١) :
قد تمّ حسن (الجعفري) ولم يكن |
|
ليتمّ إلّا بالخليفة جعفر |
في رأس مشرفة حصاها جوهر |
|
وترابها مسك يشاب بعنبر |
مخضرّة والغيث ليس بساكب |
|
ومضيئة والليل ليس بمقمر |
__________________
(١) البحتري ـ بضمّ الباء الموحّدة وسكون الحاء المهملة وضمّ التاء المثنّاة من فوقها وبعدها راء ـ هذه النسبة إلى بحتر وهو أحد أجداده في عمود نسبه أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي الشاعر المعروف ، كانت ولادته سنة ستّ ومأتين وتوفّي سنة ٢٨٥ عن ثمانين سنة بمنبج ـ بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء الموحّدة بعدها جيم ـ وهي بلدة بالشام بين حلب والفرات ، عذبة الماء ، باردة الهواء ، صلبة الموطأ ، قليلة الأدواء. والبحتري هذا أورده الشيخ عبد الجليل الرازي في شعراء الشيعة وله كتاب حماسة أبي تمام وكتاب معاني الشعر. وكان البحتري لم يزل شعره غير مرتّب حتّى جمعه أبو بكر الصولي ورتّبه على الحروف وجمعه أيضا عليّ بن حمزة الأصبهاني ولم يرتّبه على الحروف بل على الأنواع : ذكره ابن خلّكان في وفيات الأعيان.