مفضّضا ، وإذا وقعت البندقتان في الطاستين تذهبان إلى مواضعهما ثمّ تطلع شموس من ذهب في سماء لازورديّة في ذلك الفلك مع طلوع الشمس الحقيقيّة ، وتدور من دورانها وتغيب مع غيبوبتها ، فإذا جاء الليل فهناك أقمار طالعة من ضوء خلفها ، كلّما تاملت ساعة تكامل ذلك الضوء في دائرة القمر ، ثمّ يبتدأ في الدائرة الأخرى إلى انقضاء الليل وطلوع الشمس فيعلم بذلك أوقات الصلاة. ونظم الشعراء في ذلك أشعارا ، منها قول أبي الفرج عبد الرحمان ابن الجوزي :
يا أيّها المنصور يا مالكا |
|
برأيه صعب الليالي يهون |
شيّدت لله ورضوانه |
|
أشرف بنيان يروق العيون |
أيوان حسن وضعه مدهش |
|
يحار في منظره الناظرون |
صور فيه فلك دائر |
|
والشمس تجري مالها من سكون |
دائرة من لازورد حكت |
|
نقطة بتر فيه سرّ مصون |
وتلك في الشكل وهذي معا |
|
كمثل هاء ركّبت وسط نون |
وممّا يناسب هذا المقام أنّ العلّامة الخبير ملّا محمّد باقر الطهراني رحمهالله ذكر في كتاب الخصائص الفاطميّة الفارسي المطبوع ما ملخّص تعريبه : إنّ المستنصر مع وزيره أبي طالب مؤيّد الدين العلقمي دخل سامرّاء لزيارة الخلفاء من آبائه فرأى قبورهم معطّلة لا يزورها أحد ولا شموع موقدة عليها وليست مرشوشة ولا مفروشة ، وعليها ذروق الحمام والعصافير والخفافيش والغبار ، ثمّ أتى قبور الصالحين في روضة العسكريّين عليهماالسلام فرأى زوّارا وقوّاما وفرشا والقناديل في غاية النظافة واللطافة والناس بين مقبّل أعتابهما وطائف حول ضريحيهما مع كمال الخضوع والانكسار ، فسأله أبو طالب العلقمي ـ وكان من معاريف الشيعة ـ وقال : يا أمير المؤمنين ، ما بال قبر آبائك بهذه الصفة مع كونهم ملوك الدنيا وبأيديهم أمر العباد والبلاد واليوم لا يكترث بزيارتهم أحد ، وهذا عليّ الهادي