وقال : أيّ إساءة رأيت منّي؟ وما سبب انقباضك عنّي؟ قال نظام الملك : لأنّك جعلت مدرستي التي بنيتها وعمّرتها للطلّاب مربطا للدوابّ ، فاعتذر الناصر وألزم على نفسه أن يعمرها ، ثمّ قبّل يد رسول الله صلىاللهعليهوآله واستيقظ فرحا مسرورا فأمر على الفور بإخراج الدوابّ وعمارة المدرسة ورجوع أرباب الفضائل إلى منازلهم ، وجعل فيها بيتا من الكتب فجمع فيه من أنواع الكتب العلميّة مقدارا وافيا وعددا كافيا ، انتهى.
وقال الدميري في حياة الحيوان في ترجمة أحمد الناصر : إنّه أمر بإراقة الخمور وكسر الملاهي وإزالة المكوس والضرائب ، فعمرت البلاد وكثرت الأرزاق ـ إلى أن قال مثل ما مرّ ـ قال : يحكى أنّ بعض الكبار كان يعتقد فيه أنّ له كشفا واطّلاعا على المغيّبات.
وفي أخبار الدول : إنّه كان مخدوما من الجنّ.
وقال محي الدين بن العربي في مسامرة الأخيار : كان أحمد الناصر مولانا أمير المؤمنين يحجّ متنكّرا ، ثمّ أثنى عليه.
وقال الذهبي في دول الإسلام : إنّه أهل البندق والحمام في شيبه ، وكان بعض الكبار يعتقد فيه إنّه كشفا واطّلاعا على المغيّبات.
وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء : كان الناصر لم يزل مدّة حياته في عزوجلالة وقمع الأعداء واستظهار على الملوك ولم يجد ضيما ، ولا خرج عليه خارجيّ إلّا قمعه ، ولا مخالف إلّا دفعه ، وكلّ من أضمر له سوء رماه الله بالخذلان ، وكان شديد الاهتمام بمصالح الملك ، لا يخفى عليه شيء من أحوال رعيتّه ؛ كبارهم وصغارهم ، وأصحاب أخباره في أقطار البلاد يوصلون إليه أحوال الملوك الظاهرة والباطنة ، وكانت له حيل لطيفة ومكائد غامضة ، وخدع لا يفطن عليها أحد ، ويوقع الصداقة بين ملوك متعاديين وهم لا يشعرون ، ويوقع العداوة بين ملوك متفقين وهم لا يفطنون.