فوجدوا فيها عدّة صناديق من المال والمصاغات قدّر خمسمائة ألف دينار ، فحمل المال بين يديه فسرّ به وأنفقه في رجاله وثبت أمره بعد أن كان قد أشفى على الانخرام.
ثمّ إنّه قطع ثيابا وسأل عن خيّاط حاذق فوصف له خيّاط كان لصاحب البلد قبله فأمر بإحضاره وكان أطروشا فوقع له أنّه قد سعى به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد وإنّه طلبه لهذا السبب ، فلمّا خاطبه حلف أن ليس عنده إلّا اثنى عشر صندوقا لا يدري ما فيها ، فتعجّب عماد الدولة من جوابه ووجّه معه من حملها فوجد فيها أموالا وثيابا جمّة عظيمة فكانت هذه الأسباب من أقوى دلايل سعادته ثمّ تمكّنت حاله واستقرّت قواعده. وكانت وفاته يوم الأحد لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة بشيراز في دار المملكة وأقام في الملك ستّ عشرة سنة وعاش سبعا وخمسين سنة ولم يعقّب رحمهالله.
ركن الدولة أبو علي حسن بن بويه
وكان ركن الدولة أوسط الإخوة الثلاثة ، وكان حاكم العراق العربي أيّام حياة أخيه عماد الدولة ، فلمّا بلغه موت أخيه جاء إلى شيراز وابتدأ بزيارة قبر أخيه في اصطخر فمشى حافيا حاسرا ومعه العساكر ، ولزم القبّة ثلاثة أيّام ثمّ سأله القوّاد أن يرجع ، فرجع وبقي في فارس زمانا ثمّ سار إلى الري ومنها إلى أصبهان في سنة خمس وستّين وأربعمائة وأحضر ولده عضد الدولة من فارس وجمع عنده سائر أولاده بأصبهان وعهد إلى ولده عضد الدولة بالملك بعده.
قال ابن الأثير : كان حليما كريما واسع الكرم ، كثير البذل ، حسن السياسة لرعاياه وجنده ، رؤوفا بهم ، عادلا في الحكم بينهم ، وكان بعيد الهمّة ، عظيم الجدّ والسعادة ، متحرّجا من الظلم ، مانعا لأصحابه منه ، ويرى حقن الدماء واجبا إلّا