إلى الكرج ابتدأ بالإحسان إلى الرجال وملاطفته عامل البلد ، واتفق أنّه افتتح قلاعا كانت في أيدي ألخرّميّة في تلك الأطراف ووقع بينهم خلاف فانحاز بعضهم إليه فأنفق عماد الدولة ذخائر جليلة لاستمالة الرجال واستعطاف قلوب القوّاد الذين أساء عليهم مرداويج وجعل يتفضّل عليهم واتصل ذلك بمرداويج فأوحشه فكاتبه بالمصير إليه وكاتب القوّاد بمثل ذلك فدافعه وتعلّل عليه فأطلق مرداويج لجماعة من قوّاده مالا على كرج فلمّا وصلوا لقبض المال أحسن إليهم علي بن بويه واستمالهم فمالوا إليه حتّى اوجبوا طاعته ، وبلغ ذلك مرداويج فاستوحش من عماد الدولة فسار عماد الدولة إلى أصبهان وبها عسكر بن ياقوت وهم عشرة آلاف وكان مع عماد الدولة تسعمائة رجل ، فهزم عسكر بن ياقوت مع قلّة عدده فعظم في عيون الناس وقويت هيبته.
وبقي مرداويج يراسل عماد الدولة ويستدعيه وبالملاطفة وهو يعتذر ولا يحضر إليه ، فأقام عماد الدولة بأصبهان شهرين وجبى أموالها فسار إلى أرّجان وكان قد هرب إليها ابن ياقوت أبو بكر فانهزم منه بغير قتال فاستولى عماد الدولة على أرّجان في ذي الحجّة سنة ٣٢٠.
ثمّ سار علي بن بويه إلى نوبندجان واستولى عليها في ربيع الآخر سنة ٢٢١. وصادفت لتشييد دولته أسباب غريبة منها ما ذكره في وفيات الأعيان أنّ عماد الدولة لمّا فتح شيراز في أوّل ملكه اجتمع أصحابه وطالبوه بالأموال ولم يكن معه ما يرضيهم به وأشرف أمره إلى الانحلال فاغتمّ لذلك ، فبينما هو متفكّر وقد استلقى على ظهره في مجلس قد خلا لنفسه للفكرة والتدبير إذ رأى حيّة قد خرجت من موضع من سقف ذلك المجلس ودخلت موضعا آخر منه ، فخاف أن تسقط عليه ، فدعا الفرّاشين وأمرهم بإحضار سلّم وإخراج الحيّة فلمّا صعدوا وبحثوا عن الحيّة وجدوا السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين فعرّفوه ذلك ، فأمرهم بفتحها ، ففتحت